أسباب العنف والجرائم في تقرير الأمم المتحدة ...
بقلم : د. عدنان السيد حسين
البحث في أسباب العنف يقود إلى البحث في أسباب الإرهاب، ويساعد المسؤولين وصناع القرار على التبصر في أسباب الظاهرة الإرهابية بعيداً عن الديماغوجيا السياسية، وفي طرق وآليات معالجة هذه الظاهرة العالمية.
تحت عنوان “دعم الأمانة والأمن في المدن”، نشر مؤخراً تقرير الأمم المتحدة حول الاستيطان الإنساني، الذي توقف عند ظواهر العنف والجرائم، وما لها من جذور وأبعاد سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية، وتناول هذه الظواهر استناداً إلى معطيات إحصائية، أي أنه اعتمد التحليل الكمي في معالجة قضايا عالمية ضاغطة وآنية.
لقد كشف التقرير المذكور جملة حقائق جديرة بالدراسة والتأمل، ومن بينها تلك المتصلة بالعنف والإرهاب:
1 الاكتظاظ السكاني في المدن، بحيث صار نصف سكانه العالم يعيشون في المدن مع ما تحدثه هذه الظاهرة من خلل متعدد الأبعاد والنتائج بين المدن والأرياف.
2 زادت الكوارث الطبيعية (زلازل وفيضانات وبراكين) من بؤس السكان في المناطق التي شهدتها في السنوات الأخيرة، بحيث إن 89 في المائة منهم تأثروا بنتائجها السلبية.
3 صارت المدن هدفاً لأعمال إرهابية متكررة، كما حصل في لندن ومدريد وباريس، وعدد من العواصم في البلدان النامية.
4 أكثر من نصف سكان العالم يشعرون بالقلق جراء أعمال العنف والإرهاب، أي انهم في دائرة عدم الاستقرار الأمني.
5 ارتفاع معدلات الجريمة بما يزيد على ثلاثين في المائة بين عامي 1980 و2000. ومن المتوقع ان ترتفع هذه النسبة بعد أحداث سبتمبر/ أيلول في العام 2001.
6 وجود نحو مائة مليون طفل متورطين في تهريب المخدرات والبشر والانتهاك الجنسي، وهم منتشرون في شوارع المدن.
7 اتساع نطاق المناطق العشوائية الفوضوية في مدن الدول النامية، وخاصة في مناطق جنوب آسيا وجنوب الصحراء الإفريقية. فلا تخطيط عمرانياً، ولا رعاية اجتماعية مع تفشي الفقر.
8 بات التهديد بوقوع الجرائم التحدي الأبرز لحكومات الدول كافة، وبنوع خاص دول أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي وإفريقيا وشرق أوروبا.
إذاً، ثمة علاقة بين الاكتظاظ السكاني وتفاقم الجرائم وأعمال العنف وصولاً إلى الأعمال الإرهابية. هذا بالإضافة إلى انتشار أحزمة البؤس في المدن المكتظة، مع ما تحمله من تهديدات أمنية للاستقرار الاجتماعي والسياسي. لقد غادر الإنسان الطبيعة الخضراء بحثاً عن لقمة العيش في أزقة المدن، فدفع ثمناً باهظاً لهذا التحول في أمنه واستقراره الاجتماعي وفي غده، الذي بات مهدداً.
وعندما تقود الولايات المتحدة حملة عالمية لمكافحة الإرهاب، وصفها بعض المسؤولين بأنها حرب على الإرهاب، يطرح السؤال بعد أكثر من ست سنوات على أحداث 11 سبتمبر/ أيلول: هل نجحت هذه الحرب في اجتثاث الإرهاب؟ أو على الأقل هل حدت منه في مناطق العالم؟
الجواب الصريح: كلا، هذا ما تفيده تقارير الأمم المتحدة بعدما تضاعفت أعمال العنف والإرهاب أربع مرات، ودخلت مناطق جديدة، مع ما تحمله من تهديدات للسلم والأمن الدوليين.
إلى ذلك، زادت الكوارث الطبيعية من بؤس السكان في مناطق عدة من العالم. أكثر المتضررين منها أولئك الفقراء الذين يعيشون في بيوت الصفيح، أو البيوت المتواضعة غير المحصنة. هذا عامل طبيعي بيئي يضاف إلى عوامل أخرى اقتصادية وسياسية واجتماعية وثقافية، ومن شأنها مجتمعة زيادة أعمال العنف وانتشار الجرائم وصولاً الى الإرهاب.
لقد توقفت التقارير الأخيرة للأمم المتحدة عند ظاهرتي الحروب الداخلية (تفكك الدول)، والكوارث الطبيعية، كسببين رئيسيين لارتفاع عدد الضحايا والمشردين واللاجئين. ومن مراجعة بسيطة لفيضان (تسونامي) في جنوب آسيا، ولأعمال العنف في العراق بعيد احتلاله، ندرك مدى خطورة هاتين الظاهرتين.
سابقاً، كانت الحروب التقليدية، أو حروب الجيوش النظامية، هي السبب الأول لسقوط الضحايا. اليوم يتعرض المدنيون بفعل الحروب الداخلية، والأهلية المحلية، وبفعل الكوارث الطبيعية لأفدح الخسائر والأضرار المادية والمعنوية.
إلى ذلك، يقف النظام الاقتصادي العالمي سبباً إضافياً للعنف والإرهاب. فالتفاوت في المداخيل، الفردية والقومية، وتآكل الموارد والثروات تحت ضغط الدول الصناعية، وتهديد البيئة الطبيعية بفعل التلوث وتدمير الغابات والأراضي الزراعية.. هذا من شأنه إيجاد هوامش واسعة من البشر لا قيمة لها في الحياة الإنسانية، وهي عرضة للاستغلال ومكمن لأعمال العنف، وانتشار الجريمة المنظمة وغير المنظمة.
كل ذلك يضاف إلى تقرير الأمم المتحدة حول الاستيطان الإنساني ليزيد من حجم المسؤولية الدولية. إنها مسؤولية الدول كافة، وان كانت الدول الصناعية معنية قبل غيرها بتحمل مسؤولياتها بفعل قدراتها ونفوذها المتعاظمين. ولا شك في أن الأمم المتحدة صارت أكثر متابعة لهذه القضايا الأممية بعدما تفاقم الخطر، وتهدد الأمن البشري على المستويات كافة.
المصدر : الخليج
بقلم : د. عدنان السيد حسين
البحث في أسباب العنف يقود إلى البحث في أسباب الإرهاب، ويساعد المسؤولين وصناع القرار على التبصر في أسباب الظاهرة الإرهابية بعيداً عن الديماغوجيا السياسية، وفي طرق وآليات معالجة هذه الظاهرة العالمية.
تحت عنوان “دعم الأمانة والأمن في المدن”، نشر مؤخراً تقرير الأمم المتحدة حول الاستيطان الإنساني، الذي توقف عند ظواهر العنف والجرائم، وما لها من جذور وأبعاد سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية، وتناول هذه الظواهر استناداً إلى معطيات إحصائية، أي أنه اعتمد التحليل الكمي في معالجة قضايا عالمية ضاغطة وآنية.
لقد كشف التقرير المذكور جملة حقائق جديرة بالدراسة والتأمل، ومن بينها تلك المتصلة بالعنف والإرهاب:
1 الاكتظاظ السكاني في المدن، بحيث صار نصف سكانه العالم يعيشون في المدن مع ما تحدثه هذه الظاهرة من خلل متعدد الأبعاد والنتائج بين المدن والأرياف.
2 زادت الكوارث الطبيعية (زلازل وفيضانات وبراكين) من بؤس السكان في المناطق التي شهدتها في السنوات الأخيرة، بحيث إن 89 في المائة منهم تأثروا بنتائجها السلبية.
3 صارت المدن هدفاً لأعمال إرهابية متكررة، كما حصل في لندن ومدريد وباريس، وعدد من العواصم في البلدان النامية.
4 أكثر من نصف سكان العالم يشعرون بالقلق جراء أعمال العنف والإرهاب، أي انهم في دائرة عدم الاستقرار الأمني.
5 ارتفاع معدلات الجريمة بما يزيد على ثلاثين في المائة بين عامي 1980 و2000. ومن المتوقع ان ترتفع هذه النسبة بعد أحداث سبتمبر/ أيلول في العام 2001.
6 وجود نحو مائة مليون طفل متورطين في تهريب المخدرات والبشر والانتهاك الجنسي، وهم منتشرون في شوارع المدن.
7 اتساع نطاق المناطق العشوائية الفوضوية في مدن الدول النامية، وخاصة في مناطق جنوب آسيا وجنوب الصحراء الإفريقية. فلا تخطيط عمرانياً، ولا رعاية اجتماعية مع تفشي الفقر.
8 بات التهديد بوقوع الجرائم التحدي الأبرز لحكومات الدول كافة، وبنوع خاص دول أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي وإفريقيا وشرق أوروبا.
إذاً، ثمة علاقة بين الاكتظاظ السكاني وتفاقم الجرائم وأعمال العنف وصولاً إلى الأعمال الإرهابية. هذا بالإضافة إلى انتشار أحزمة البؤس في المدن المكتظة، مع ما تحمله من تهديدات أمنية للاستقرار الاجتماعي والسياسي. لقد غادر الإنسان الطبيعة الخضراء بحثاً عن لقمة العيش في أزقة المدن، فدفع ثمناً باهظاً لهذا التحول في أمنه واستقراره الاجتماعي وفي غده، الذي بات مهدداً.
وعندما تقود الولايات المتحدة حملة عالمية لمكافحة الإرهاب، وصفها بعض المسؤولين بأنها حرب على الإرهاب، يطرح السؤال بعد أكثر من ست سنوات على أحداث 11 سبتمبر/ أيلول: هل نجحت هذه الحرب في اجتثاث الإرهاب؟ أو على الأقل هل حدت منه في مناطق العالم؟
الجواب الصريح: كلا، هذا ما تفيده تقارير الأمم المتحدة بعدما تضاعفت أعمال العنف والإرهاب أربع مرات، ودخلت مناطق جديدة، مع ما تحمله من تهديدات للسلم والأمن الدوليين.
إلى ذلك، زادت الكوارث الطبيعية من بؤس السكان في مناطق عدة من العالم. أكثر المتضررين منها أولئك الفقراء الذين يعيشون في بيوت الصفيح، أو البيوت المتواضعة غير المحصنة. هذا عامل طبيعي بيئي يضاف إلى عوامل أخرى اقتصادية وسياسية واجتماعية وثقافية، ومن شأنها مجتمعة زيادة أعمال العنف وانتشار الجرائم وصولاً الى الإرهاب.
لقد توقفت التقارير الأخيرة للأمم المتحدة عند ظاهرتي الحروب الداخلية (تفكك الدول)، والكوارث الطبيعية، كسببين رئيسيين لارتفاع عدد الضحايا والمشردين واللاجئين. ومن مراجعة بسيطة لفيضان (تسونامي) في جنوب آسيا، ولأعمال العنف في العراق بعيد احتلاله، ندرك مدى خطورة هاتين الظاهرتين.
سابقاً، كانت الحروب التقليدية، أو حروب الجيوش النظامية، هي السبب الأول لسقوط الضحايا. اليوم يتعرض المدنيون بفعل الحروب الداخلية، والأهلية المحلية، وبفعل الكوارث الطبيعية لأفدح الخسائر والأضرار المادية والمعنوية.
إلى ذلك، يقف النظام الاقتصادي العالمي سبباً إضافياً للعنف والإرهاب. فالتفاوت في المداخيل، الفردية والقومية، وتآكل الموارد والثروات تحت ضغط الدول الصناعية، وتهديد البيئة الطبيعية بفعل التلوث وتدمير الغابات والأراضي الزراعية.. هذا من شأنه إيجاد هوامش واسعة من البشر لا قيمة لها في الحياة الإنسانية، وهي عرضة للاستغلال ومكمن لأعمال العنف، وانتشار الجريمة المنظمة وغير المنظمة.
كل ذلك يضاف إلى تقرير الأمم المتحدة حول الاستيطان الإنساني ليزيد من حجم المسؤولية الدولية. إنها مسؤولية الدول كافة، وان كانت الدول الصناعية معنية قبل غيرها بتحمل مسؤولياتها بفعل قدراتها ونفوذها المتعاظمين. ولا شك في أن الأمم المتحدة صارت أكثر متابعة لهذه القضايا الأممية بعدما تفاقم الخطر، وتهدد الأمن البشري على المستويات كافة.
المصدر : الخليج
الأربعاء مايو 25, 2011 4:03 pm من طرف samii
» يصدرمرسومين لتنظيم الملكيات الزراعية ومخالفات
الأربعاء مايو 25, 2011 3:47 pm من طرف samii
» أهمية علم النفس والطب النفسي في القضاء
الجمعة يناير 14, 2011 8:07 am من طرف الشيماء
» طلب مساعدة
الخميس ديسمبر 23, 2010 6:05 pm من طرف د.أيمن
» هل يجوز اجراء الكشف والتحقيق المحلي من قبل القاضي العقاري في
الخميس يناير 14, 2010 11:41 pm من طرف sharinolo
» تجربة
السبت سبتمبر 19, 2009 8:00 pm من طرف السراب
» روابط الكتب في المكتبة القانونية
الثلاثاء يونيو 02, 2009 5:15 pm من طرف السراب
» دراسة في التاجر من الناحية القانونية
الإثنين مارس 23, 2009 5:50 am من طرف سيف العرب
» دراسة في الاثبات الجنائي
الإثنين مارس 23, 2009 5:41 am من طرف سيف العرب
» دراسة عن التحكيم في اطار المنظمة العالمية للملكية الفكرية
الإثنين مارس 23, 2009 5:28 am من طرف سيف العرب
» دراسة عن التعاقد بطريقة المراسلة
الإثنين مارس 23, 2009 5:14 am من طرف سيف العرب
» دراسة في الانواع الشائعة لعقود المعلوماتية
الإثنين مارس 23, 2009 5:09 am من طرف سيف العرب
» دراسة في التحكيم واهميته
الإثنين مارس 23, 2009 4:57 am من طرف سيف العرب
» الالتزامات المترتبة على البائع عند قيام عقد البيع
الإثنين مارس 23, 2009 4:50 am من طرف سيف العرب
» أسباب العنف والجرائم في تقرير الأمم المتحدة
الإثنين أبريل 28, 2008 3:19 am من طرف سيف العرب
» ظاهرة الادمان على المخدرات- علم اجرام - سورية
السبت أبريل 19, 2008 10:52 pm من طرف ابن سوريا
» الرئيس الأسد يصدر مرسوماً بتعديل قانون السير والمركبات2008
الخميس أبريل 17, 2008 11:23 pm من طرف سيف العرب
» قانون الشركات 2008
الخميس أبريل 17, 2008 10:52 pm من طرف سيف العرب
» قانون المنافسة ومنع الاحتكار
الخميس أبريل 17, 2008 10:31 pm من طرف سيف العرب
» القانون رقم 4 للعام 2008 الخاص بالتحكيم
الخميس أبريل 17, 2008 10:23 pm من طرف سيف العرب