تعيين الحارس القضائي و مسؤولياته.
من إعداد: ميمون بوجمعاوي محرر قضائي ممتاز بالمحكمة الابتدائية بالناظــور.
بســـــــــــــــم اللـــه الرحمــــــن الرحيــــــــــــــــم.
تقديــم :
لقد عرفت المادة 818 من ق. ل.ع. الحراسة القضائية بأنه إيداع شيء متنازع عليه بين
يدي أحد من الغير و أنه يجوز أن ترد المنقولات أو العقارات.
و بينت المادة 819 من نفس القانون أنه يجوز الأمر بالحراسة من القاضي في الأحوال
التي يحددها قانون المسطرة.
إذن فمن خلال هاتين المادتين نستخلص تعريفا للحراسة القضائية و هو أنها إجراء تحفظي
مؤقت لا يمس جوهر الحق يتمثل في "الإيداع المادي للشيء محل النزاع بين يدي الغير".
و هذا الإجراء يأمر به القضاء بناء على طلب واحد أو أكثر من ذوي الشأن في حالة قيام
نزاع بينهم على ملكية أو حيازة منقول أو عقار.
و قد عرف الفقه الحراسة القضائية :
بأنها "نيابة يوليها القضاء بإجراء مستعجل و وقتي يأمر به القاضي استنادا إلى نص في
القانون بناء على طلب صاحب المصلحة إذا رأى القاضي أنها إجراء ضروري للمحافظة على
حقوق أصحاب الشأن و مصالحهم، و يعهد القاضي للحارس بموجب هذا الإجراء بمنقول أو
عقار أو مجموع من المال لحفظه و إدارته ليرده مع غلته المقبوضة لمن يثبت حقه فيه.
و قد يعهد القاضي إلى الحارس تصفية المال و توزيع ما ينتج منه على أصحاب الحق
فيـــه.
و عرف البعض الأخر الحراسة القضائية بأنها :
"إجراء تأمر به المحكمة على عقار أو شيء منقول تكون ملكيته أو حيازته محل نزاع بين
شخصين أو أكثر و ذلك بصورة مؤقتة و محافظة على حقوق الأطراف إلى حين صدور الحكم
النهائي.
و لقد ظهرت أهمية الحراسة القضائية في أوائل القرن 20 بعدما أخذ النشاط الاقتصادي
يتطور. إذ كانت الحراسة الاتفاقية في السابق أكثر انتشارا، حيث كان تضارب المصالح
بين الأفراد محدودا نتيجة بساطة النشاط الاقتصادي، مما يسمح للأفراد بالتوصل إلى
اتفاق لوضع المال المتنازع عليه بين يدي أمين يثقون في أمانته و عدله.
و لم يكن من الصعب العثور على هذا الحارس الذي قد لا يكون في غالب الأحيان غريبا
عنهم بل قد يكون أحد أطراف النزاع.
و أمام تطور المجتمعات أصبح من الصعب اتفاق الأطراف في نزاع ما على وضع مال معين
تحت الحراسة، نظرا من جهة لأهمية هذا المال الذي لم يعد يقتصر على عقار محدود
القيمة بل تعدى ذلك إلى شركات و أصول تجارية و مؤسسات صناعية و منقولات غالية
الثمن، و نظرا من جهة أخرى صعوبة العثور على حارس يرضي الطرفين لفقدان الثقة و
الائتمان نتيجة تعقد الحياة الاقتصادية من ناحية و تزايد إقبال الأفراد على القضاء
حتى في أبسط النزاعات التي تنشأ بينهم.
و نتيجة لذلك تخلت الحراسة الاتفاقية عن مكانتها لتحتلها الحراسة القضائية التي
ازدادت أهميتها بازدياد التطور الاقتصادي، و هكذا أصبح الأطراف في نزاع ما يفضلون
طرق باب القضاء لتعيين حارس على الأموال التي يدعون حقوقا عليها (..) لأن القضاء هو
وحده الذي يمكن أن يضمن سير إجراءات الحراسة على وجهها الصحيح و يراقب أعمال الحارس
القضائي، خاصة إذا علمنا أن الأموال التي توضع تحت الحراسة هي من الأهمية بمكان حيث
تحتاج إلى صيانة جيدة و إدارة محكمة، و هذا لا يقع عادة إلا إذا تم بإشراف القضاء.
فالحراسة القضائية يمكن اعتبارها و بدون تردد أهم إجراء تأمر به المحكمة و أخطرها
لأنه يعتبر سيفا ذو حدين إما أن تحسن المحكمة استعماله فيعود بالنفع على أطرافه
المباشرة بصفة خاصة و الاقتصاد و الوطني بصفة عامة.
أو أن تسيء هذا الاستعمال فيرجع ذلك خسارة على الجميع ذلك أن آثار الحراسة القضائية
لا تنسحب فقط على الأشخاص الذين تنفذ على أموالهم بل تتعداهم لتؤثر على النشاط
الاقتصادي.
و لبحث موضوع الحراسة القضائية ككل لابد من دراسة الشروط التي تؤدي إلى قيام هذا
الإجراء إذ بدونها لا تقوم للحراسة القضائية قائمة و هذه الشروط تتمثل في جود نزاع
مقترن بالجدية و استعجال ظاهر و خطر محدق و ضرورة بالغة.
حيث بدون الحراسة القضائية لا يمكن المحافظة على المال و أخيرا إمكانية الأمر بهذا
الإجراء أي قابلية الشيء للوضع تحت الحراسة القضائية.
إلا أننا في هذا العرض سوف لن نتطرق إلى هاته الشروط التي تؤدي إلى قيام الحراسة
القضائية، لأن هذه الأخيرة تخضع في قيامها و في تطبيقها لإجراءات مسطرية تنظمها و
ترسم دائرتها القانونية سواء من حيث الجهة التي يعود لها الاختصاص بالأمر بالحراسة
أو من حيث المراحل التي تمر بها إلى أن يتم تنفيذها.
بمعنى آخر أن النقط المتعلقة بشروط قيام الحراسة القضائية لا تهمنا في هذا العرض
بقدر ما تهمنا الآثار التي تنتج عند قيام الحراسة و هذه الآثار مختلفة تبدأ بتعيين
الحارس القضائي و تنتهي بإنهاء الحراسة وعلى هذا الأساس سنعالج هذا الموضوع خلال
محورين أساسيين :
- نتطرق في الأول، إلى كيفية تعيين الحارس القضائي.
- و في الثاني مسؤولية الحارس القضائي.
- لنختم أخيرا بانتهاء الحراسة القضائية.
المحــور الأول : كيفية تعيين الحارس القضائي :
سنتطرق من خلال هذا المحور إلى نقطتين تتعلق الأولى بتعيين الحارس القضائي باتفاق
الأطراف، و الثانية تعيين الحارس القضائي من طرف القضاء.
I – تعيين الحارس القضائي باتفاق الأطراف :
تجيز المادة 819 من ق. ل. ع للأطراف المعنية تعيين الحارس القضائي باتفاقهم جميعا
كما تجيز للقضاء الاستعجالي القيام بتعيين الحارس القضائي إذا لم يحصل اتفاق
الأطراف على ذلك. إذ اتفاق الأطراف على تعيين حارس لا يعتبر أصلا في الحراسة
الاتفاقية فقط و إنما يعتبر كذلك في الحراسة القضائية.
و يأتي دور القاضي بالنسبة لهذه الأخيرة في تعيين الحارس إذا لم يحصل اتفاق بيـن
الأطـراف.
فمتى اتفق أطراف النزاع على مبدأ الحراسة – الحراسة الاتفاقية – أو أمر بها القضاء
– الحراسة القضائية.
فان أمر تعيين الحارس يترك في كل الحالتين للمتنازعين إذا أمكنهم الإجماع على ذلك.
فان لم يحصل الاتفاق تدخل قاضي المستعجلات لتعيين الحارس القضائي بدلا من الأطراف
اللذين فشلوا في ذلك.
غير أن اتفاق جميع الأطراف على تعيين شخص ما حارسا قضائيا لا يعني أن الحراسة
القضائية تتحول إلى حراسة اتفاقية، لأن العبرة في كون الحراسة اتفاقية أو قضائية
تسند للجهة التي فرضت الحراسة في ذاتها، إما جهة الأطراف باتفاقهم عليها أو جهة
القضاء بالأمر بها، أما و أن مبدأ الحراسة قد تقرر من طرف إحدى الجهتين فان تعيين
الحارس لا يعني أن يكون تابعا لذلك المبدأ، و عليه إذا كانت الحراسة اتفاقية فان
طبيعتها لا تتغير و ان تم تعيين الحارس من طرف القضاء.
و إذا كانت الحراسة قضائية فان طبيعتها أيضا لا تتغير و إن كان الأطراف هم اللذين
اتفقوا على تعيين الحارس، و توضيحا لذلك فان وقوع أي نزاع بين الشركاء في مال
مشترك، و طلب بعضهم من القضاء وضعه تحت الحراسة ثم حصل اتفاق بين أغلبتهم على شخص
الحارس القضائي فان القاضي المختص الذي أمر بوضع هذا المال تحت الحراسة القضائية
يأخذ برأي هذه الأغلبية و يعين الحارس المتفــق عليــه.
غير أنه يشترط في ذلك ألا يوجه أحد من أصحاب الأقلية أو كلهم أي مطعن ضد الحارس
القضائي المعين من طرف الأغلبية من شأنه إضعاف الثقة به، إذ في هذه الحالة إذا تبين
لقاضي المستعجلات جدية ذلك المطعن فانه يرفض تعيين ذلك الحارس و يختار أخرا، لأن
رأي الأغلبية يلزم الأقلية في حدود ما نصت عليه المادة 917 من ق. ل. ع فهو لا يلزم
قاضي المستعجلات ذلك أن مجال تطبيق أحكام إدارة المال الشائع الوارد في المادة 971
و 972 من ق. ع. ل يختلف عن مجال تطبيق أحكام الحراسة على منقول أو عقار قام بشأنه
نزاع و كانت تجمعت لدى صاحب المصلحة فيه من الأسباب المعقولة ما يخشى منه خطرا
عاجلا من بقاء المال تحت يد حائزه، فان البث بخصوص هذا النزاع يدخل فيما نصت عليه
المواد 819 و ما بعدها من ق. ل. ع المنظمة للحراسة و يكون تعيين الحارس القضائي
باتفاق ذوي الشأن جميعا فاذا لم يتفقوا تولى القاضي تعيينه وفقا للمادة 819 من ق.
ل. ع و عليه إذا فرضت الحراسة القضائية على مال شائع تعين على القضاء تطبيق أحكام
الحراسة في شأن هذا النزاع.
و هكذا إذا اتفق ذوي الشأن جميعا على تعيين شخص يكون حارسا قضائيا وجب على القضاء
تعيين هذا الشخص. أما إذا لم يحصل هذا الإجماع على تعيين شخص الحارس القضائي
فللقاضي السلطة المطلقة بتعيينه، و قد يعين شخصا تتفق عليه أغلبية الشركاء في مال
شائع و قد لا يعنيه إذا قدمت الأقلية أدلة تثبت عدم كفاءة الشخص المقترح من طرف
الأغلبية لتقلد هذه المحكمة.
و قد ذهب بعض الفقه أنه يعترف للقاضي بإمكانية الاستئناس في تعيين الحارس القضائي
برأي من يرى الاستئناس برأيه من ذوي الشأن أغلبية كانوا أو أقلية دون أن يكون ملزما
بهذا الرأي.
II – تعيين الحارس القضائي من طرف قاضي المستعجلات .
لقد أجازت المادة 819 من ق. ل. ع في فقرتها الثانية كما أسلفنا للقضاء المستعجل
بتعيين الحارس القضائي إذا لم يحصل اتفاق على ذلك، و هكذا و انطلاقا من روح المادة
المذكورة يتعين على قاضي الأمور المستعجلة عند إصداره لأمر بحراسة قضائية أن يضمن
منطوق هذا الأمر تعيين الشخص الذي تسند إليه تلك الحراسة، و له سلطة مطلقة في تعيين
ذلك الشخص الذي قد يكون أحد الأطراف أو أحدا من غير الأطراف أو أحد كتاب ضبط
المحكمة أو أحد المنتدبين القضائيين حسب الأحوال و هاتان الحالتان هما الغالبتان
كما سنرى.
و هذا التعيين بشخص الحارس القضائي يلزم أطراف النزاع سواء رضوا أو رفضوا ذلك مع حق
من لم يرض بذلك التعيين سلوك مساطر الطعن المخولة له قانونا أو في رفع دعوى أمام
قاضي المستعجلات الذي قام بتعيين شخص الحارس القضائي يبين فيها أسباب عدم اقتناعه و
عدم رضاه بذلك التعيين حتى إذا تبين لذلك القاضي جدية تلك الأسباب أعاد النظر في
ذلك التعيين.
و اذ الشخص الذي يعين حارسا قضائيا ليس واحدا في جميع الحالات، و قد يعين حارسا
قضائيا أحد الطرفين في النزاع.
و قد يعين حارسا قضائيا أحد من الغير و يكون أجنبيا عن الطرفين.
و كما يمكن تعيين شخص واحد حارسا قضائيا يمكن تعيين أكثر من شخص واحد لهذه المهمة.
و لقد أجاز المشرع المغربي تعيين أحد الطرفين حارسا قضائيا، حيث أجاز الفصل 170 من
ق. م. م المغربي إسناد الحراسة لأحد الطرفين.
كما أنه لا يتأتى في بعض الحالات لقاضي المستعجلات تعيين أحد الطرفين حارسا قضائيا
كما لو كانت مصالح الطرفين متضاربة و بينهما من المنازعات و الخصومات ما يشكك في
نزاهة كل منهما الشيء الذي يصعب معه الاطمئنان إلى أمانة و صدق و ثقة أي منهما، في
هذه الحالة يلجأ القاضي إلى تعيين أجنبي لتولــي المهمــة.
و هذا الأجنبي قد يكون شخصا عاديا إذا لمس فيه القاضي النزاهة و الأمانة أو الخبرة
و الكفاءة و يعنيه حارسا قضائيا سواء عارض الطرف الآخر أو لم يعارض.
و قد يكون هذا الأجنبي أحد كتاب ضبط المحكمة الابتدائية و هذه الحالة هي الغالبة في
مجال تعيين الحراس القضائيين.
و على هذا الأساس يكون أحد موظفي المحكمة المختصين الذي تناط به مهمة الحراسة
القضائية هو المسؤول عن هاته الحراسة سواء باشر عمل الحراسة بمفرده أو اتخذ له
مساعدا يساعده لإتمام ما لا تستطيع القيام به.
من إعداد: ميمون بوجمعاوي محرر قضائي ممتاز بالمحكمة الابتدائية بالناظــور.
بســـــــــــــــم اللـــه الرحمــــــن الرحيــــــــــــــــم.
تقديــم :
لقد عرفت المادة 818 من ق. ل.ع. الحراسة القضائية بأنه إيداع شيء متنازع عليه بين
يدي أحد من الغير و أنه يجوز أن ترد المنقولات أو العقارات.
و بينت المادة 819 من نفس القانون أنه يجوز الأمر بالحراسة من القاضي في الأحوال
التي يحددها قانون المسطرة.
إذن فمن خلال هاتين المادتين نستخلص تعريفا للحراسة القضائية و هو أنها إجراء تحفظي
مؤقت لا يمس جوهر الحق يتمثل في "الإيداع المادي للشيء محل النزاع بين يدي الغير".
و هذا الإجراء يأمر به القضاء بناء على طلب واحد أو أكثر من ذوي الشأن في حالة قيام
نزاع بينهم على ملكية أو حيازة منقول أو عقار.
و قد عرف الفقه الحراسة القضائية :
بأنها "نيابة يوليها القضاء بإجراء مستعجل و وقتي يأمر به القاضي استنادا إلى نص في
القانون بناء على طلب صاحب المصلحة إذا رأى القاضي أنها إجراء ضروري للمحافظة على
حقوق أصحاب الشأن و مصالحهم، و يعهد القاضي للحارس بموجب هذا الإجراء بمنقول أو
عقار أو مجموع من المال لحفظه و إدارته ليرده مع غلته المقبوضة لمن يثبت حقه فيه.
و قد يعهد القاضي إلى الحارس تصفية المال و توزيع ما ينتج منه على أصحاب الحق
فيـــه.
و عرف البعض الأخر الحراسة القضائية بأنها :
"إجراء تأمر به المحكمة على عقار أو شيء منقول تكون ملكيته أو حيازته محل نزاع بين
شخصين أو أكثر و ذلك بصورة مؤقتة و محافظة على حقوق الأطراف إلى حين صدور الحكم
النهائي.
و لقد ظهرت أهمية الحراسة القضائية في أوائل القرن 20 بعدما أخذ النشاط الاقتصادي
يتطور. إذ كانت الحراسة الاتفاقية في السابق أكثر انتشارا، حيث كان تضارب المصالح
بين الأفراد محدودا نتيجة بساطة النشاط الاقتصادي، مما يسمح للأفراد بالتوصل إلى
اتفاق لوضع المال المتنازع عليه بين يدي أمين يثقون في أمانته و عدله.
و لم يكن من الصعب العثور على هذا الحارس الذي قد لا يكون في غالب الأحيان غريبا
عنهم بل قد يكون أحد أطراف النزاع.
و أمام تطور المجتمعات أصبح من الصعب اتفاق الأطراف في نزاع ما على وضع مال معين
تحت الحراسة، نظرا من جهة لأهمية هذا المال الذي لم يعد يقتصر على عقار محدود
القيمة بل تعدى ذلك إلى شركات و أصول تجارية و مؤسسات صناعية و منقولات غالية
الثمن، و نظرا من جهة أخرى صعوبة العثور على حارس يرضي الطرفين لفقدان الثقة و
الائتمان نتيجة تعقد الحياة الاقتصادية من ناحية و تزايد إقبال الأفراد على القضاء
حتى في أبسط النزاعات التي تنشأ بينهم.
و نتيجة لذلك تخلت الحراسة الاتفاقية عن مكانتها لتحتلها الحراسة القضائية التي
ازدادت أهميتها بازدياد التطور الاقتصادي، و هكذا أصبح الأطراف في نزاع ما يفضلون
طرق باب القضاء لتعيين حارس على الأموال التي يدعون حقوقا عليها (..) لأن القضاء هو
وحده الذي يمكن أن يضمن سير إجراءات الحراسة على وجهها الصحيح و يراقب أعمال الحارس
القضائي، خاصة إذا علمنا أن الأموال التي توضع تحت الحراسة هي من الأهمية بمكان حيث
تحتاج إلى صيانة جيدة و إدارة محكمة، و هذا لا يقع عادة إلا إذا تم بإشراف القضاء.
فالحراسة القضائية يمكن اعتبارها و بدون تردد أهم إجراء تأمر به المحكمة و أخطرها
لأنه يعتبر سيفا ذو حدين إما أن تحسن المحكمة استعماله فيعود بالنفع على أطرافه
المباشرة بصفة خاصة و الاقتصاد و الوطني بصفة عامة.
أو أن تسيء هذا الاستعمال فيرجع ذلك خسارة على الجميع ذلك أن آثار الحراسة القضائية
لا تنسحب فقط على الأشخاص الذين تنفذ على أموالهم بل تتعداهم لتؤثر على النشاط
الاقتصادي.
و لبحث موضوع الحراسة القضائية ككل لابد من دراسة الشروط التي تؤدي إلى قيام هذا
الإجراء إذ بدونها لا تقوم للحراسة القضائية قائمة و هذه الشروط تتمثل في جود نزاع
مقترن بالجدية و استعجال ظاهر و خطر محدق و ضرورة بالغة.
حيث بدون الحراسة القضائية لا يمكن المحافظة على المال و أخيرا إمكانية الأمر بهذا
الإجراء أي قابلية الشيء للوضع تحت الحراسة القضائية.
إلا أننا في هذا العرض سوف لن نتطرق إلى هاته الشروط التي تؤدي إلى قيام الحراسة
القضائية، لأن هذه الأخيرة تخضع في قيامها و في تطبيقها لإجراءات مسطرية تنظمها و
ترسم دائرتها القانونية سواء من حيث الجهة التي يعود لها الاختصاص بالأمر بالحراسة
أو من حيث المراحل التي تمر بها إلى أن يتم تنفيذها.
بمعنى آخر أن النقط المتعلقة بشروط قيام الحراسة القضائية لا تهمنا في هذا العرض
بقدر ما تهمنا الآثار التي تنتج عند قيام الحراسة و هذه الآثار مختلفة تبدأ بتعيين
الحارس القضائي و تنتهي بإنهاء الحراسة وعلى هذا الأساس سنعالج هذا الموضوع خلال
محورين أساسيين :
- نتطرق في الأول، إلى كيفية تعيين الحارس القضائي.
- و في الثاني مسؤولية الحارس القضائي.
- لنختم أخيرا بانتهاء الحراسة القضائية.
المحــور الأول : كيفية تعيين الحارس القضائي :
سنتطرق من خلال هذا المحور إلى نقطتين تتعلق الأولى بتعيين الحارس القضائي باتفاق
الأطراف، و الثانية تعيين الحارس القضائي من طرف القضاء.
I – تعيين الحارس القضائي باتفاق الأطراف :
تجيز المادة 819 من ق. ل. ع للأطراف المعنية تعيين الحارس القضائي باتفاقهم جميعا
كما تجيز للقضاء الاستعجالي القيام بتعيين الحارس القضائي إذا لم يحصل اتفاق
الأطراف على ذلك. إذ اتفاق الأطراف على تعيين حارس لا يعتبر أصلا في الحراسة
الاتفاقية فقط و إنما يعتبر كذلك في الحراسة القضائية.
و يأتي دور القاضي بالنسبة لهذه الأخيرة في تعيين الحارس إذا لم يحصل اتفاق بيـن
الأطـراف.
فمتى اتفق أطراف النزاع على مبدأ الحراسة – الحراسة الاتفاقية – أو أمر بها القضاء
– الحراسة القضائية.
فان أمر تعيين الحارس يترك في كل الحالتين للمتنازعين إذا أمكنهم الإجماع على ذلك.
فان لم يحصل الاتفاق تدخل قاضي المستعجلات لتعيين الحارس القضائي بدلا من الأطراف
اللذين فشلوا في ذلك.
غير أن اتفاق جميع الأطراف على تعيين شخص ما حارسا قضائيا لا يعني أن الحراسة
القضائية تتحول إلى حراسة اتفاقية، لأن العبرة في كون الحراسة اتفاقية أو قضائية
تسند للجهة التي فرضت الحراسة في ذاتها، إما جهة الأطراف باتفاقهم عليها أو جهة
القضاء بالأمر بها، أما و أن مبدأ الحراسة قد تقرر من طرف إحدى الجهتين فان تعيين
الحارس لا يعني أن يكون تابعا لذلك المبدأ، و عليه إذا كانت الحراسة اتفاقية فان
طبيعتها لا تتغير و ان تم تعيين الحارس من طرف القضاء.
و إذا كانت الحراسة قضائية فان طبيعتها أيضا لا تتغير و إن كان الأطراف هم اللذين
اتفقوا على تعيين الحارس، و توضيحا لذلك فان وقوع أي نزاع بين الشركاء في مال
مشترك، و طلب بعضهم من القضاء وضعه تحت الحراسة ثم حصل اتفاق بين أغلبتهم على شخص
الحارس القضائي فان القاضي المختص الذي أمر بوضع هذا المال تحت الحراسة القضائية
يأخذ برأي هذه الأغلبية و يعين الحارس المتفــق عليــه.
غير أنه يشترط في ذلك ألا يوجه أحد من أصحاب الأقلية أو كلهم أي مطعن ضد الحارس
القضائي المعين من طرف الأغلبية من شأنه إضعاف الثقة به، إذ في هذه الحالة إذا تبين
لقاضي المستعجلات جدية ذلك المطعن فانه يرفض تعيين ذلك الحارس و يختار أخرا، لأن
رأي الأغلبية يلزم الأقلية في حدود ما نصت عليه المادة 917 من ق. ل. ع فهو لا يلزم
قاضي المستعجلات ذلك أن مجال تطبيق أحكام إدارة المال الشائع الوارد في المادة 971
و 972 من ق. ع. ل يختلف عن مجال تطبيق أحكام الحراسة على منقول أو عقار قام بشأنه
نزاع و كانت تجمعت لدى صاحب المصلحة فيه من الأسباب المعقولة ما يخشى منه خطرا
عاجلا من بقاء المال تحت يد حائزه، فان البث بخصوص هذا النزاع يدخل فيما نصت عليه
المواد 819 و ما بعدها من ق. ل. ع المنظمة للحراسة و يكون تعيين الحارس القضائي
باتفاق ذوي الشأن جميعا فاذا لم يتفقوا تولى القاضي تعيينه وفقا للمادة 819 من ق.
ل. ع و عليه إذا فرضت الحراسة القضائية على مال شائع تعين على القضاء تطبيق أحكام
الحراسة في شأن هذا النزاع.
و هكذا إذا اتفق ذوي الشأن جميعا على تعيين شخص يكون حارسا قضائيا وجب على القضاء
تعيين هذا الشخص. أما إذا لم يحصل هذا الإجماع على تعيين شخص الحارس القضائي
فللقاضي السلطة المطلقة بتعيينه، و قد يعين شخصا تتفق عليه أغلبية الشركاء في مال
شائع و قد لا يعنيه إذا قدمت الأقلية أدلة تثبت عدم كفاءة الشخص المقترح من طرف
الأغلبية لتقلد هذه المحكمة.
و قد ذهب بعض الفقه أنه يعترف للقاضي بإمكانية الاستئناس في تعيين الحارس القضائي
برأي من يرى الاستئناس برأيه من ذوي الشأن أغلبية كانوا أو أقلية دون أن يكون ملزما
بهذا الرأي.
II – تعيين الحارس القضائي من طرف قاضي المستعجلات .
لقد أجازت المادة 819 من ق. ل. ع في فقرتها الثانية كما أسلفنا للقضاء المستعجل
بتعيين الحارس القضائي إذا لم يحصل اتفاق على ذلك، و هكذا و انطلاقا من روح المادة
المذكورة يتعين على قاضي الأمور المستعجلة عند إصداره لأمر بحراسة قضائية أن يضمن
منطوق هذا الأمر تعيين الشخص الذي تسند إليه تلك الحراسة، و له سلطة مطلقة في تعيين
ذلك الشخص الذي قد يكون أحد الأطراف أو أحدا من غير الأطراف أو أحد كتاب ضبط
المحكمة أو أحد المنتدبين القضائيين حسب الأحوال و هاتان الحالتان هما الغالبتان
كما سنرى.
و هذا التعيين بشخص الحارس القضائي يلزم أطراف النزاع سواء رضوا أو رفضوا ذلك مع حق
من لم يرض بذلك التعيين سلوك مساطر الطعن المخولة له قانونا أو في رفع دعوى أمام
قاضي المستعجلات الذي قام بتعيين شخص الحارس القضائي يبين فيها أسباب عدم اقتناعه و
عدم رضاه بذلك التعيين حتى إذا تبين لذلك القاضي جدية تلك الأسباب أعاد النظر في
ذلك التعيين.
و اذ الشخص الذي يعين حارسا قضائيا ليس واحدا في جميع الحالات، و قد يعين حارسا
قضائيا أحد الطرفين في النزاع.
و قد يعين حارسا قضائيا أحد من الغير و يكون أجنبيا عن الطرفين.
و كما يمكن تعيين شخص واحد حارسا قضائيا يمكن تعيين أكثر من شخص واحد لهذه المهمة.
و لقد أجاز المشرع المغربي تعيين أحد الطرفين حارسا قضائيا، حيث أجاز الفصل 170 من
ق. م. م المغربي إسناد الحراسة لأحد الطرفين.
كما أنه لا يتأتى في بعض الحالات لقاضي المستعجلات تعيين أحد الطرفين حارسا قضائيا
كما لو كانت مصالح الطرفين متضاربة و بينهما من المنازعات و الخصومات ما يشكك في
نزاهة كل منهما الشيء الذي يصعب معه الاطمئنان إلى أمانة و صدق و ثقة أي منهما، في
هذه الحالة يلجأ القاضي إلى تعيين أجنبي لتولــي المهمــة.
و هذا الأجنبي قد يكون شخصا عاديا إذا لمس فيه القاضي النزاهة و الأمانة أو الخبرة
و الكفاءة و يعنيه حارسا قضائيا سواء عارض الطرف الآخر أو لم يعارض.
و قد يكون هذا الأجنبي أحد كتاب ضبط المحكمة الابتدائية و هذه الحالة هي الغالبة في
مجال تعيين الحراس القضائيين.
و على هذا الأساس يكون أحد موظفي المحكمة المختصين الذي تناط به مهمة الحراسة
القضائية هو المسؤول عن هاته الحراسة سواء باشر عمل الحراسة بمفرده أو اتخذ له
مساعدا يساعده لإتمام ما لا تستطيع القيام به.
الأربعاء مايو 25, 2011 4:03 pm من طرف samii
» يصدرمرسومين لتنظيم الملكيات الزراعية ومخالفات
الأربعاء مايو 25, 2011 3:47 pm من طرف samii
» أهمية علم النفس والطب النفسي في القضاء
الجمعة يناير 14, 2011 8:07 am من طرف الشيماء
» طلب مساعدة
الخميس ديسمبر 23, 2010 6:05 pm من طرف د.أيمن
» هل يجوز اجراء الكشف والتحقيق المحلي من قبل القاضي العقاري في
الخميس يناير 14, 2010 11:41 pm من طرف sharinolo
» تجربة
السبت سبتمبر 19, 2009 8:00 pm من طرف السراب
» روابط الكتب في المكتبة القانونية
الثلاثاء يونيو 02, 2009 5:15 pm من طرف السراب
» دراسة في التاجر من الناحية القانونية
الإثنين مارس 23, 2009 5:50 am من طرف سيف العرب
» دراسة في الاثبات الجنائي
الإثنين مارس 23, 2009 5:41 am من طرف سيف العرب
» دراسة عن التحكيم في اطار المنظمة العالمية للملكية الفكرية
الإثنين مارس 23, 2009 5:28 am من طرف سيف العرب
» دراسة عن التعاقد بطريقة المراسلة
الإثنين مارس 23, 2009 5:14 am من طرف سيف العرب
» دراسة في الانواع الشائعة لعقود المعلوماتية
الإثنين مارس 23, 2009 5:09 am من طرف سيف العرب
» دراسة في التحكيم واهميته
الإثنين مارس 23, 2009 4:57 am من طرف سيف العرب
» الالتزامات المترتبة على البائع عند قيام عقد البيع
الإثنين مارس 23, 2009 4:50 am من طرف سيف العرب
» أسباب العنف والجرائم في تقرير الأمم المتحدة
الإثنين أبريل 28, 2008 3:19 am من طرف سيف العرب
» ظاهرة الادمان على المخدرات- علم اجرام - سورية
السبت أبريل 19, 2008 10:52 pm من طرف ابن سوريا
» الرئيس الأسد يصدر مرسوماً بتعديل قانون السير والمركبات2008
الخميس أبريل 17, 2008 11:23 pm من طرف سيف العرب
» قانون الشركات 2008
الخميس أبريل 17, 2008 10:52 pm من طرف سيف العرب
» قانون المنافسة ومنع الاحتكار
الخميس أبريل 17, 2008 10:31 pm من طرف سيف العرب
» القانون رقم 4 للعام 2008 الخاص بالتحكيم
الخميس أبريل 17, 2008 10:23 pm من طرف سيف العرب