التعريف بالإثبات الجنائي
محتويات البحث :
- المقدمة
اولا – انظمة الاثبات في التاريخ .
المرحلة الاولى : ما قبل الثورة الفرنسية
1- المرحلة البدائية او مرحلة الفطرة.
2- مرحلة الدليل الالهي .
3- مرحلة الاثبات المقيد .
المرحلة الثانية : ما بعد الثورة الفرنسية
1- المرحلة الوجدانية او حرية الاقتناع .
- مبدء اقتناع القاضي .
- ماهية مبدء اقتناع القاضي .
- المذهب المختلط .
2- المرحلة العلمية .
ثانيا : تعريف الاثبات .
ثالثا : القواعد الاصولية للاثبات :
- الاصل الاول : براءة المتهم
- الاصل الثاني :مشروعية اجراءات جمع الادلة .
- الاصل الثالث مبدء حرية الاثبات .
- المراجع
المقدمة
يعتبرالانتقام الفردي مرحلة القصاص الاولى التي ينال فيها المجني عليه حقه من الجاني وما ان نشأت الدولة حتى انتقل الانتقام من الفرد اليها واصبحت بذلك صاحبة الحق في الانتقام. استمر الحال على ماهو عليه حتى ظهر كتَاب ومصلحون يدعون الى هدم الاساس الانتقامي الذي يقوم عليه قانون العقوبات ومحاولة تأسيسه على الرحمة والانسانية . وهذا ما نادى به مونتسكيو في القرن الثامن عشر بكتابه روح القوانين من ان الغرض من قانون العقوبات هو كبح الاجرام لا الانتقام من المجرم .
وما ان نشأت المرحلة الحديثة او العلمية في ايطاليا حتى نادت بتغير الهدف ويعود اليها الفضل في الدعوة الى اتخاذ التدابير الاحترازية التي تهدف الى حماية المجتمع . تلتها حركة
الدفاع الاجتماعي فقامت ببناء سياسة جنائية تأخذ في اعتبارها حماية المجتمع واصلاح المذنب واصبح من الاسس التي تقوم عليها مدرسة الدفاع الاجتماعي ان وظيفة قانون العقوبات هي حماية المجتمع وصيانته من مضار السلوك الاجرامي لا معاقبة المخطئ فقط .
ولا فائدة من قانون دون ان يكون له جهة تسعى الى تطبيقه ، فكانت الجهة القضائية التي اتخذت اشكال متعددة على مراحل التاريخ المختلفة . واصبح اللجوء الى القضاء حق للافراد ضمنته القوانين المختلفة بغض النظرعن قربها او بعدها من العدالة . ولم يترك المشرع هذا الحق الاجرائي دون تدخل منه لتنظيمه .
فاذا كان قانون العقوبات يقرر ايقاع العقاب على من خالف قواعده وما يهدف اليه ، فان مرحلة اخرى تسبقه تبين الاجراءات الواجب اتباعها من قبل المدعي وما يجب ان تقوم به الجهة القضائية للوصول الى الحقيقة كما حصلت على ارض الواقع دون ان تترك للاهواء الشخصية والتحكمات دور في هذا المجال ويطلق على هذه القواعد قانون اصول المحاكمات الجزائية وضمنها قواعد الاثبات التي يلجأ اليها اطراف الدعوى كل فيما يتعلق به للوصول الى ما يبتغيه .
الطرف الاول المدعي وتضمن له هذه القواعد بما يسهل عليه حصوله على حقه او حق المجتمع فله اثبات ما يدعيه بما يشاء من الوسائل متى كانت مشروعة ولا تخرج عن موضوع الدعوى .
الطرف الثاني وهو المتهم حيث ان الاصل هو البراءة فيجب ان تحفظ له كافة حقوقه وحرياته اثناء المحاكمة وان يدفع كل دليل يقدم ضده والا فهو غير ملزم باثبات برائته.
الطرف الثالث هو القاضي الذي تضمن له هذه القواعد حريته الكاملة في اختيار ما يشاء من الادلة التي يبني عليها يقينه وقناعاته للوصول الى الحقيقة دون شك فيها .
يبدو من ذلك ان هناك قواعد ينبغي اتباعها من اطراف الدعوى قبل تطبيق قانون العقوبات من قبل المحكمة ، ولا يأتي دور قانون العقوبات الا بعد ان تتبين نتيجة الدعوى من خلال قواعد قانون اصول المحاكمات الجزائية . فقانون اصول المحاكمات هو المقدمة الضرورية والتي لابد منها لتطبيق قانون العقوبات . ومن هنا نخلص الى حقيقة مفادها ان نتيجة الدعوى تولد من رحم قانون اصول المحاكمات الجزائية ثم يتولى معالجتها قانون العقوبات ، اما بفرض العقوبة على الجاني اذا ثبت ما نسب اليه . او بالبراءة اذا لم يثبت بحقه شئ ، او بتطبيق اسباب الاباحة او عدم السؤولية .
اولا : انظمة الاثبات في التاريخ
يمكن تقسيم المراحل التي مرت بها انظمة الاثبات الى مرحلتين :
الاولى : مرحلة ماقبل الثورة الفرنسية ويمكن تقسيمها الى ثلاثة مفاصل تارخية :
1- المرحلة البدائية او مرحلة الفطرة :
ذكرنا في المقدمة التلازم بين قانون العقوبات وقواعد الاثبات فحيث لا يوجد قانون ولا يوجد قضاء ينتفي بانتفائها وجود قواعد او نظام خاص بالاثبات . وحيث ينتفي وجود الثلاث في مرحلة الفطرة يبرز الثأر كهدف للاقتصاص من الجاني يمارسه المجني عليه ما استطاع الى ذلك سبيلا . لايمنعه عن ذلك الا ضعف قوته وعجزه ، ففي هذه المرحلة يعتمد الحق في وجوده على القوة ويدور معها وجودا وعدما فلا حق للضعيف بل هو محل الاعتداء دائما . يترتب على ذلك ان المجني عليه يستطيع ان يتهم شخصا لا لأنه هو المعتدي وانما لوجود خلافات او احقاد بينهما ويمكن القول ان مصدر الاثبات ربما يكون الاحساس بالشعور الداخلي .
ثم انتقل الثأر من الفرد الى القبيلة التي ينتمي اليها المعتدى عليه ، عندما اصبح الاعتداء على الشخص هو اعتداء على القبيلة التي ينتمي اليها ، فيكون من حق القبيلة الاخذ بالثأر من المعتدي ولا ينحصر الثأر في شخص المتعدي انما يتجاوزه الى كل افراد قبيلته . وهنا لايهم معرفة الجاني مما يترتب على ذلك عدم فائدة إعمال قواعد الاثبات .
2- مرحلة الدليل الالهي :
وهي المرحلة التي سادت فيها النظريات الالهية والتي ادت الى نشوء الدولة حسب رأي البعض الذي يكون فيها الحاكم مختارا من الله ليس لأحد مناقشته فلم يلتزم تجاههم باي التزام بل عليهم واجب الطاعة تبعا لطاعتهم لله ، ولذلك فالحاكم يقضي على من شاء بما شاء وكيفما شاء . ونتيجة ذلك هو ان العقائد الدينية دبت في النفوس واخذت مكانها في العقول واصبح القانون ليس الا ارادة الهية ينفذها من اختاره الله على شعب الله وعليه فالاحكام لا تصدر في هذه الفترة الا من قبل فئة معينة .
تم اللجوء في هذه الفترة الى وسائل للاثبات تتناسب والمعتقدات السائدة . منها مايسمى ( بالمحنة ) واساس هذه الفكرة ان الالهة سوف تتدخل لنصرة المظلوم واظهار الجاني . ومن الاعمال التي تمارس على المتهم لأظهار برائته او ادانته ان يُكلف بغمس يده في ماء مغلي فاذا
لم تصب بأذى كان ذلك دليلا على برائته والا فهو مذنب . او ان المتهم يحمل سيخا محميا من الحديد لمسافة معينة وبعد ذلك تفحص يده فاذا تبين انها اُصيبت بالورم فهو مذنب والا فهو برئ . كما يعتبر نظام المبارزة من تطبيقات التحكيم الغيبي حيث الحق مع المنتصر والى غيرها من الوسائل الاخرى .
لايمكن القول بوجود قواعد اثبات في هذه المرحلة . ولكن بظهور بوادر لقانون العقوبات كان لابد من ان يصاحبه ظهور قواعد الاثبات تتناسب معه . وبما ان القوانين مستمدة من الالهة فلابد ان يكون للالهة دور في اظهار الجاني حين يعجز الانسان عن كشفه ، فيتم اللجوء عندئذ الى نظام ( البشعة ) مثلا حيث ينقص المدعي الدليل فيبتكر المبشع طريقة لاظهار الجاني . كأن يحمي طاس من نحاس ثم يطلب من المتهم اي يلعقه بلسانة فاذا لم يحترق فهو برئ . واذا جاز لنا ان نطلق على القواعد المطبقة اسم قانون العقوبات جاز لنا في الوقت ذاته ان نطلق على نظام البشعة او المحنة بقواعد الاثبات التي تتناسب مع قواعد العقوبات في ذلك العصر .
ج – مرحلة الاثبات المقيد او مرحلة التحديد :
وتسمى مرحلة الدليل الانساني وفيها تتدخل ارادة المشرع بقوة لتحديد الادلة التي يجب على القاضي اتباعها . وحيث تتدخل ارادة الشارع بقوة تتراجع حرية القاضي الى ادنى مساحة لها ، ويصل المشرع في تدخله بان يحدد القوة القانونية للادلة وهنا لايبقى امام القاضي الا ان ينفذ ارادة الشارع وليس له ان يبني حكمه على غيرها .
لا تؤخذ قناعة القاضي في هذا النظام بنظر الاعتبار فمتى توافرت عناصر وشروط الادلة على القاضي ان يصدر حكمه حتى لوكانت قناعته في غير ذلك . كما هو الحال في اجراءات محكمة طوكيو التي انتقدها قضاتها وقالوا لو كانت هناك هيئة عليا لنقضت احكامهم لما تخللت المحاكمات من اخطاء منها ما تعلق بقواعد الاثبات .
هذه المرحلة جاءت كردة فعل على مرحلة اخرى اعطي فيها للقاضي الحرية الكاملة في اتباع ما يشاء الى الحد الذي يوصله الى التعسف والتحكم . وما محاكم التفتيش التي نشأت في اوربا الا دليلا على ذلك .
ظهرالاعتراف في هذه المرحلة باعتباره سيد الادلة وفي كثير من القضايا لايحكم الا بحصوله ، لذلك لجأوا الى التعذيب لانتزاع الاعتراف من المتهم ولا زال هذا المبدء مطبق في كثير من البلدان بغض النظر عن مناداتها بحقوق الانسان . فيتم اللجوء الى وسيلة التعذيب للحصول على الاعتراف في الدول المتأخرة في مجال حقوق الانسان كالدول العربية ، ويتم نفس الحال في الدول المتقدمة كأمريكا الا انه يتم على اراضي الغير ولغير الامريكين .فلا حقوق لغير الامريكيين ولا ارض مقدسة غير الارض الامريكية . وهذا ماكُشفت عنه السجون السرية ، وما كشفته الاستخبارات الامريكية نفسها مؤخرا .
نستخلص اهم ملامح هذه المرحلة وهي التالي :
- الشارع هو من يحدد الادلة التي يبني عليها القاضي قناعاته وليس له قبول سواها .
- لم يكتف المشرع بتحديد الدليل الواجب الاتباع بل يحدد القيمة القانونية له اذا ما توافرت فيه شروط معينة اما قناعة القاضي في الدليل فليست محل اعتبار عند الشارع طالما توافرت ادلة الادانة التي حددها .
- رفض الشارع للسلطة التقديرية للقاضي واستفراد الشارع بها .
هذه انظمة الاثبات التي سادت قبل الثورة الفرنسية ، على ان هذا القول لايعني عدم وجود آثار لها على مستوى التشريعات في الوقت الحاضروتتمثل بالاستثناءات التي ترد على مبدء الاقتناع القضائي (1 ) .
الأربعاء مايو 25, 2011 4:03 pm من طرف samii
» يصدرمرسومين لتنظيم الملكيات الزراعية ومخالفات
الأربعاء مايو 25, 2011 3:47 pm من طرف samii
» أهمية علم النفس والطب النفسي في القضاء
الجمعة يناير 14, 2011 8:07 am من طرف الشيماء
» طلب مساعدة
الخميس ديسمبر 23, 2010 6:05 pm من طرف د.أيمن
» هل يجوز اجراء الكشف والتحقيق المحلي من قبل القاضي العقاري في
الخميس يناير 14, 2010 11:41 pm من طرف sharinolo
» تجربة
السبت سبتمبر 19, 2009 8:00 pm من طرف السراب
» روابط الكتب في المكتبة القانونية
الثلاثاء يونيو 02, 2009 5:15 pm من طرف السراب
» دراسة في التاجر من الناحية القانونية
الإثنين مارس 23, 2009 5:50 am من طرف سيف العرب
» دراسة في الاثبات الجنائي
الإثنين مارس 23, 2009 5:41 am من طرف سيف العرب
» دراسة عن التحكيم في اطار المنظمة العالمية للملكية الفكرية
الإثنين مارس 23, 2009 5:28 am من طرف سيف العرب
» دراسة عن التعاقد بطريقة المراسلة
الإثنين مارس 23, 2009 5:14 am من طرف سيف العرب
» دراسة في الانواع الشائعة لعقود المعلوماتية
الإثنين مارس 23, 2009 5:09 am من طرف سيف العرب
» دراسة في التحكيم واهميته
الإثنين مارس 23, 2009 4:57 am من طرف سيف العرب
» الالتزامات المترتبة على البائع عند قيام عقد البيع
الإثنين مارس 23, 2009 4:50 am من طرف سيف العرب
» أسباب العنف والجرائم في تقرير الأمم المتحدة
الإثنين أبريل 28, 2008 3:19 am من طرف سيف العرب
» ظاهرة الادمان على المخدرات- علم اجرام - سورية
السبت أبريل 19, 2008 10:52 pm من طرف ابن سوريا
» الرئيس الأسد يصدر مرسوماً بتعديل قانون السير والمركبات2008
الخميس أبريل 17, 2008 11:23 pm من طرف سيف العرب
» قانون الشركات 2008
الخميس أبريل 17, 2008 10:52 pm من طرف سيف العرب
» قانون المنافسة ومنع الاحتكار
الخميس أبريل 17, 2008 10:31 pm من طرف سيف العرب
» القانون رقم 4 للعام 2008 الخاص بالتحكيم
الخميس أبريل 17, 2008 10:23 pm من طرف سيف العرب