دراسة قانونية في القانون المدني
الطبيعة القانونية لعقد البحث العلمي
إعداد
الدكتور
نصير صبار لفتة الجبوري
رئيس قسم القانون الخاص
كلية القانون _ جامعة القادسية
بحث منشور في العراق، مجلة جامعة بابل :للعلوم الإدارية والقانونية-المجلد 11 /العدد 6 سنة 2006 ( مقبول للنشر في 6/11/2004 )
المحتويات
المقدمة 1
المبحث الأول :عقد البحث العلمي عقد بيع معلومات 3
المطلب الأول :عرض فكرة بيع المعلومات 3
المطلب الثاني :تقويم فكرة بيع المعلومات 5
المبحث الثاني :عقد البحث العلمي عقد وكالة 7
المطلب الأول :عرض فكرة عقد الوكالة 8
المطلب الثاني :تقويم فكرة عقد الوكالة 10
المبحث الثالث :عقد البحث العلمي عقد عمل 11
المطلب الأول :عرض فكرة عقد العمل 11
المطلب الثاني :تقويم فكرة عقد العمل 14
المبحث الرابع: عقد البحث العلمي عقد مقاولة 17
المطلب الأول :عرض فكرة عقد المقاولة 17
المطلب الثاني :تقويم فكرة عقد المقاولة 20
الخاتمة 22
قائمة المراجع 24
المقدمة
آن صيغ التعاقد التقليدية أصبحت لا تتماشى مع أنماط التعامل الفكري المتطور دائماً ، لذا فأن عالم المعرفة بدأ يتجه آلي هياكل جديدة ومنظمة من اجل تنظيم نشاطه وإعطاء علاقته البحثية أطراً قانونية لتحقيق أهداف هذه الأبحاث وتستجيب لمتطلباته وتفسح المجال ، في الوقت عينه، أمام أي تقدم يطرأ فيها مع الاستعداد الدائم والمستمر للتكييف مع متطلبات كل مرحلة . ومن هنا كان التعاقد والعمل بأسلوب عقد البحث العملي يمثل استجابة لمرحلة جديدة من مراحل التطور البحث العلمي القائم على المعرفة العلمية .فهو ينشط في كثير من ميادين المعرفة العلمية ، فضلاً عن قابليته للتكييف مع الحاجات الخاصة لطالبي المعرفة العلمية. باعتباره صورة من صور نقل المعلومات من الشخص صاحب التخصص (الباحث) إلى الشخص المستعلم عن هذه المعلومات (المستفيد) لغاية يبغيها من وراء هذه المعلومات .
ومما لا شك فيه آن الجوانب الاقتصادية لهذا العقد(1)،والنتائج المنتظرة منه ، وتنوع الالتزامات ، لطرفيه ،والتزامات هذا العقد ،واعتماده على المعلومات .هذه الحقيقة ،التي تختلط بعقود أخرى تساهم فيها المعرفة ،مما يمكن القول معه إننا إزاء طائفة من العقود (عقود المعرفة ) لها ذاتيتها التي تنعكس على مجموعة التزامات أطرافها . هذه العقود التي اعترف الفقه بشأنها بأنها من قبيل العقود "المعقدة" التركيب ،إلا آن ذلك لا يحول من دون الخوض فيها ومحاولة الوقوف على ماهيتها(2)، حتى ولو اقتضى الأمر عدم الاقتصار بشأن ذلك على نسبة العقد الذي نحن بصدده إلى احد العقود التقليدية المعروفة .على آن ذلك لا يعني طرح كل صلة بين هذا العقد والعقود التقليدية ،حيث انه على الرغم من إننا إزاء عقداً حديث النشأة في شكله الخارجي والالتزامات ذات الطبيعة الخاصة المطلوب الوفاء بها، إلا انه يمكن تحقيق هذه الالتزامات ونسبتها آلي تلك الالتزامات التي يتعهد بها أطراف تلك العقود التقليدية .
و لأجل الوقوف على طبيعة عقد البحث العلمي يستلزم البحث عن مدى قدرة نسبة هذا العقد إلى تلك العقود التي يمكن تسميتها ،بالعقود التقليدية ، وهي البيع والوكالة والعمل والمقاولة . متناولين الإشارة إلى الدعائم الأساسية لكل عقد من هذه العقود ومدى تشابه عقد البحث العلمي وهذا العقد حتى يمكن القول بأنه يندرج تحت أحكامه من عدمه .
1. في اعتبار القيمة الاقتصادية للمعلومة والتي هي محل عقد البحث العلمي أنظر د. سليم عبد الله أحمد الناصر، الحماية القانونية لمعلومات شبكة المعلومات(الانترنيت)، أطروحة دكتوراه، كلية الحقوق جامعة النهرين، 2001، ص82 .
2.V.M. VIVANT: I’informatique dans la theorie generale du contrat. DALLOZ. 1994, No.3, p. 118.
وفي ضوء هذا التمهيد ،يمكننا أن نحصر البحث بتكييف عقد البحث العلمي من خلال
الأبعاد الاقتصادية له ، وطبيعة الالتزامات لطرفيه وتنوعها . وفي هذا الصدد يمكن القول إن تكييف عقد البحث العلمي يمكن أن يدور في فلك احد العقود الآتية : عقد البيع ،عقد الوكالة ،عقد العمل ، عقد المقاولة .
وعليه سنبحث في تكييف عقد البحث العلمي من خلال تلك العقود التقليدية في محاولة لتلمس أوجه التطابق بين هذه العقود وبين عقد البحث العلمي ابتغاء تطبيق قواعد أي من هذه العقود عليه .ونبحث كل عقد من هذه العقود من خلال ماله ،وما عليه، وذلك من خلال مبحث مستقل لكل عقد من هذه العقود .
ولا بد من التنويه ابتداء إننا لم نجد مصادر مباشرة تعالج هذا الموضوع وبصورة عامة ،وذلك لجدته ، وبذلك حاولنا أن نستفيد من الموضوعات التي تتداخل معه ،كالقواعد العامة للعقود ،وما كتب بصدد ملكية المعلومات وعقد المشورة وعقود نقل التكنولوجيا . وحاولنا الاستنتاج في ظل تصور ما يحدث عمليا في بيان تكييف عقد البحث العلمي ، وذلك على النحو الآتي :-
المبحث الأول
عقد البحث العلمي عقد بيع معلومات
يعد عقد البيع من العقود الناقلة للملكية(1)،ويثير جملة مشاكل بسب اشتراك كثير من عناصره مع عقد البحث العلمي . فالصلة بين العقدين متصلة كثيراً بحسبان آن المعلومات تصلح لان تكون محلا لعقد البيع ، إلى جانب كونه عقدا من عقود المعاوضة ويرتب التزامات متقابلة تقع على عاتق طرفيه(2) ،ومحل هذا العقد قد يكون شيئاً ماديا آو معنويا آو أي حق مالي آخر(3). و للإجابة على ذلك نتناول طرح فكرة بيع المعلومات ثم تقويمها وذلك على النحو الأتي :-
المطلب الأول
عرض فكرة بيع المعلومات
يذهب البعض إلى إن المعلومات تصلح محلا لعقد البيع :وذلك لأن المقصود بنقل المعلومات هو ان يتخلى البائع عنها بصورة نهائية أو أن تصبح ملك المشتري الذي تؤول إليه بما يخوله التصرف بها بجميع التصرفات(4)، كما أن مفهوم عقد البيع لم يعد ضيقاً بان لا يرد ألا على الأشياء المادية وإنما تصلح الأشياء غير المادية أن تكون محلاً له ولذلك لا يوجد ما يمنع ان تكون المعلومات هذا المحل(5) .
ويضف الأستاذ سافاتيه ((Savatier إلى ما تقدم ، أن عقد بيع المعلومات يختلف عن عقود البيع التقليدية ، إذ يتم به تبادل أشياء غير مادية ،مقابل مبلغ من النقود(6). من ناحية أخرى ، فان البيع ، هنا ، لا يعني نقل الملكية بالمعنى التقليدي لنقل ملكية الأشياء المادية ، وإنما هو بيع لمعلومات أي لأشياء معنوية(7) .
1. نظم القانون المدني العراقي أحكام عقد البيع في الكتاب الثاني منه ضمن الباب المخصص للعقود التي تقع على الملكية، أنظر المواد(506)وما بعدها من القانون المدني العراقي.
2. د. سعدون ألعامري، الوجيز في العقود المسماة، ج1، البيع والإيجار، ط3، بغداد، 1974، ص15.
3. أنظر د. أنور سلطان ود. جلال ألعدوي، العقود المسماة،عقد البيع، مصر، 1966، ص41.
4. أنظر أستاذنا د. صبري حمد خاطر، الضمانات العقدية لنقل المعلومات، بحث منشور في مجلة الحقوق، جامعة النهرين، المجلد الثالث، العدد3، السنة 1999، ص117.
5. أنظر في عرض فكر البيع والمبررات التي قيلت بشأن ذلك: المصدر السابق، ص177.
6. Savatier: La Vent de Service, D.1971, p.233.
7. CATALA: Edauche d’un theorie Juridique de l’information, ed, 1984, p.99.
وتجدر الإشارة إلى انه ،وعلى الرغم من إن محل العقد (معلومات) ،وهي أموال معنوية تعد نتاجا لمجهود مضن ، إلا إنها قيمة تقوم بالمال ،وهذا ما يمكن تقبله بصدد البحث العلمي شأنه في ذلك شأن الأشياء المعنوية الأخرى ، التي استقر الفقه بشأنها على إنها من قبيل الأموال . يتضح من كل ما تقدم ، إن مقايسة عقد البحث العلمي بعقد البيع تستند على ما يلي :-
2- إن المعلومات (أو المعرفة العلمية ) التي يتوصل لها الباحث ، لها قيمة اقتصادية قابلة للاستحواذ وهي تعد منتجاً من هذه الناحية ،إذ هناك علاقة قانونية بينهما وبين من توصل إليها ، علاقة يمكن وصفها بعلاقة المالك بالشيء الذي يملكه ،هذا ولما كانت الأموال المعنوية لها قيمة مالية، فأنها يمكن أن تصبح محلاً لحق ، إذ لا يمكن القول بوجود ملكية ما لم تكن هناك قيمة للمال محل هذه الملكية ،مما يترتب عليه جواز التنازل عن هذه القيمة مقابل ثمن و يعد عقد البيع أكثر أنواع العقود ملائمة لهذا التنازل(1). فالبيع هنا لا يعني نقل الملكية بالمعنى التقليدي لنقل ملكية الأشياء المادية وإنما نكون إزاء نقل ملكية معلومات، أي أشياء معنوية(2).
2- أن هذا التكييف يتفق وقصد المتعاقدين، طالما أن هذا العقد لا يتضمن أية مخالفة لأحكام عقد البيع التقليدي، ذلك أن المراد ببيع المعرفة العلمية – ما دامت هي أحدى صور المعلومات – هو تنازل الباحث عنها بشكل نهائي لتصبح من حق المستفيد، أي المشتري الذي يجوز له التصرف بها بالتصرفات القانونية كافة، فله أن يستغلها أو يستعملها أو يتصرف بها(3) . وله أن يحتج على الغير بملكيته لهذه المعلومات(4). وهذا التنازل يكون بمقابل هو الثمن، فاستغلال النشاط الذهني للإنسان بهدف الحصول على مقابل مالي أصبح الآن سمة من سمات العصر الحديث، لذا فأن عد عقد البحث العلمي عقد بيع تحصيل حاصل وأقرب إلى المنطق القانوني السليم(5).
3- أن حق الباحث على المعلومات هو حق المؤلف على مصنفه، إذ يعطيه صلاحية نقلها للغير، وبهذه الصورة فأن حق الباحث هو حق ملكية قابل للانتقال للغير.
1. أنظر قريب من هذا المعنى:- د. أحمد محمود سعد، نحو إرساء نظام قانوني لعقد المشورة المعلوماتية ،ط1 ،القاهرة ،1995 ،ص303. وأنظر:- د. سلام منعم مشعل، الحماية القانونية للمعرفة التقنية، أطروحة دكتوراه، مقدمة إلى كلية الحقوق، جامعة النهرين، 2003م،ص54.
2. أنظر في هذا المعنى:- د. السيد محمد السيد عمران، الطبيعة القانونية لعقود المعلومات ،مؤسسة الثقافة الجامعية ،الإسكندرية ،1992، / ص19.
3. د. صبري حمد خاطر، مصدر سابق، ص117.
4. المصدر السابق، ص118.
5. د. أحمد محمود سعد، مصدر سابق، ص304. د. سليم عبد الله أحمد، مصدر سابق، ص83.
الطبيعة القانونية لعقد البحث العلمي
إعداد
الدكتور
نصير صبار لفتة الجبوري
رئيس قسم القانون الخاص
كلية القانون _ جامعة القادسية
بحث منشور في العراق، مجلة جامعة بابل :للعلوم الإدارية والقانونية-المجلد 11 /العدد 6 سنة 2006 ( مقبول للنشر في 6/11/2004 )
المحتويات
المقدمة 1
المبحث الأول :عقد البحث العلمي عقد بيع معلومات 3
المطلب الأول :عرض فكرة بيع المعلومات 3
المطلب الثاني :تقويم فكرة بيع المعلومات 5
المبحث الثاني :عقد البحث العلمي عقد وكالة 7
المطلب الأول :عرض فكرة عقد الوكالة 8
المطلب الثاني :تقويم فكرة عقد الوكالة 10
المبحث الثالث :عقد البحث العلمي عقد عمل 11
المطلب الأول :عرض فكرة عقد العمل 11
المطلب الثاني :تقويم فكرة عقد العمل 14
المبحث الرابع: عقد البحث العلمي عقد مقاولة 17
المطلب الأول :عرض فكرة عقد المقاولة 17
المطلب الثاني :تقويم فكرة عقد المقاولة 20
الخاتمة 22
قائمة المراجع 24
المقدمة
آن صيغ التعاقد التقليدية أصبحت لا تتماشى مع أنماط التعامل الفكري المتطور دائماً ، لذا فأن عالم المعرفة بدأ يتجه آلي هياكل جديدة ومنظمة من اجل تنظيم نشاطه وإعطاء علاقته البحثية أطراً قانونية لتحقيق أهداف هذه الأبحاث وتستجيب لمتطلباته وتفسح المجال ، في الوقت عينه، أمام أي تقدم يطرأ فيها مع الاستعداد الدائم والمستمر للتكييف مع متطلبات كل مرحلة . ومن هنا كان التعاقد والعمل بأسلوب عقد البحث العملي يمثل استجابة لمرحلة جديدة من مراحل التطور البحث العلمي القائم على المعرفة العلمية .فهو ينشط في كثير من ميادين المعرفة العلمية ، فضلاً عن قابليته للتكييف مع الحاجات الخاصة لطالبي المعرفة العلمية. باعتباره صورة من صور نقل المعلومات من الشخص صاحب التخصص (الباحث) إلى الشخص المستعلم عن هذه المعلومات (المستفيد) لغاية يبغيها من وراء هذه المعلومات .
ومما لا شك فيه آن الجوانب الاقتصادية لهذا العقد(1)،والنتائج المنتظرة منه ، وتنوع الالتزامات ، لطرفيه ،والتزامات هذا العقد ،واعتماده على المعلومات .هذه الحقيقة ،التي تختلط بعقود أخرى تساهم فيها المعرفة ،مما يمكن القول معه إننا إزاء طائفة من العقود (عقود المعرفة ) لها ذاتيتها التي تنعكس على مجموعة التزامات أطرافها . هذه العقود التي اعترف الفقه بشأنها بأنها من قبيل العقود "المعقدة" التركيب ،إلا آن ذلك لا يحول من دون الخوض فيها ومحاولة الوقوف على ماهيتها(2)، حتى ولو اقتضى الأمر عدم الاقتصار بشأن ذلك على نسبة العقد الذي نحن بصدده إلى احد العقود التقليدية المعروفة .على آن ذلك لا يعني طرح كل صلة بين هذا العقد والعقود التقليدية ،حيث انه على الرغم من إننا إزاء عقداً حديث النشأة في شكله الخارجي والالتزامات ذات الطبيعة الخاصة المطلوب الوفاء بها، إلا انه يمكن تحقيق هذه الالتزامات ونسبتها آلي تلك الالتزامات التي يتعهد بها أطراف تلك العقود التقليدية .
و لأجل الوقوف على طبيعة عقد البحث العلمي يستلزم البحث عن مدى قدرة نسبة هذا العقد إلى تلك العقود التي يمكن تسميتها ،بالعقود التقليدية ، وهي البيع والوكالة والعمل والمقاولة . متناولين الإشارة إلى الدعائم الأساسية لكل عقد من هذه العقود ومدى تشابه عقد البحث العلمي وهذا العقد حتى يمكن القول بأنه يندرج تحت أحكامه من عدمه .
1. في اعتبار القيمة الاقتصادية للمعلومة والتي هي محل عقد البحث العلمي أنظر د. سليم عبد الله أحمد الناصر، الحماية القانونية لمعلومات شبكة المعلومات(الانترنيت)، أطروحة دكتوراه، كلية الحقوق جامعة النهرين، 2001، ص82 .
2.V.M. VIVANT: I’informatique dans la theorie generale du contrat. DALLOZ. 1994, No.3, p. 118.
وفي ضوء هذا التمهيد ،يمكننا أن نحصر البحث بتكييف عقد البحث العلمي من خلال
الأبعاد الاقتصادية له ، وطبيعة الالتزامات لطرفيه وتنوعها . وفي هذا الصدد يمكن القول إن تكييف عقد البحث العلمي يمكن أن يدور في فلك احد العقود الآتية : عقد البيع ،عقد الوكالة ،عقد العمل ، عقد المقاولة .
وعليه سنبحث في تكييف عقد البحث العلمي من خلال تلك العقود التقليدية في محاولة لتلمس أوجه التطابق بين هذه العقود وبين عقد البحث العلمي ابتغاء تطبيق قواعد أي من هذه العقود عليه .ونبحث كل عقد من هذه العقود من خلال ماله ،وما عليه، وذلك من خلال مبحث مستقل لكل عقد من هذه العقود .
ولا بد من التنويه ابتداء إننا لم نجد مصادر مباشرة تعالج هذا الموضوع وبصورة عامة ،وذلك لجدته ، وبذلك حاولنا أن نستفيد من الموضوعات التي تتداخل معه ،كالقواعد العامة للعقود ،وما كتب بصدد ملكية المعلومات وعقد المشورة وعقود نقل التكنولوجيا . وحاولنا الاستنتاج في ظل تصور ما يحدث عمليا في بيان تكييف عقد البحث العلمي ، وذلك على النحو الآتي :-
المبحث الأول
عقد البحث العلمي عقد بيع معلومات
يعد عقد البيع من العقود الناقلة للملكية(1)،ويثير جملة مشاكل بسب اشتراك كثير من عناصره مع عقد البحث العلمي . فالصلة بين العقدين متصلة كثيراً بحسبان آن المعلومات تصلح لان تكون محلا لعقد البيع ، إلى جانب كونه عقدا من عقود المعاوضة ويرتب التزامات متقابلة تقع على عاتق طرفيه(2) ،ومحل هذا العقد قد يكون شيئاً ماديا آو معنويا آو أي حق مالي آخر(3). و للإجابة على ذلك نتناول طرح فكرة بيع المعلومات ثم تقويمها وذلك على النحو الأتي :-
المطلب الأول
عرض فكرة بيع المعلومات
يذهب البعض إلى إن المعلومات تصلح محلا لعقد البيع :وذلك لأن المقصود بنقل المعلومات هو ان يتخلى البائع عنها بصورة نهائية أو أن تصبح ملك المشتري الذي تؤول إليه بما يخوله التصرف بها بجميع التصرفات(4)، كما أن مفهوم عقد البيع لم يعد ضيقاً بان لا يرد ألا على الأشياء المادية وإنما تصلح الأشياء غير المادية أن تكون محلاً له ولذلك لا يوجد ما يمنع ان تكون المعلومات هذا المحل(5) .
ويضف الأستاذ سافاتيه ((Savatier إلى ما تقدم ، أن عقد بيع المعلومات يختلف عن عقود البيع التقليدية ، إذ يتم به تبادل أشياء غير مادية ،مقابل مبلغ من النقود(6). من ناحية أخرى ، فان البيع ، هنا ، لا يعني نقل الملكية بالمعنى التقليدي لنقل ملكية الأشياء المادية ، وإنما هو بيع لمعلومات أي لأشياء معنوية(7) .
1. نظم القانون المدني العراقي أحكام عقد البيع في الكتاب الثاني منه ضمن الباب المخصص للعقود التي تقع على الملكية، أنظر المواد(506)وما بعدها من القانون المدني العراقي.
2. د. سعدون ألعامري، الوجيز في العقود المسماة، ج1، البيع والإيجار، ط3، بغداد، 1974، ص15.
3. أنظر د. أنور سلطان ود. جلال ألعدوي، العقود المسماة،عقد البيع، مصر، 1966، ص41.
4. أنظر أستاذنا د. صبري حمد خاطر، الضمانات العقدية لنقل المعلومات، بحث منشور في مجلة الحقوق، جامعة النهرين، المجلد الثالث، العدد3، السنة 1999، ص117.
5. أنظر في عرض فكر البيع والمبررات التي قيلت بشأن ذلك: المصدر السابق، ص177.
6. Savatier: La Vent de Service, D.1971, p.233.
7. CATALA: Edauche d’un theorie Juridique de l’information, ed, 1984, p.99.
وتجدر الإشارة إلى انه ،وعلى الرغم من إن محل العقد (معلومات) ،وهي أموال معنوية تعد نتاجا لمجهود مضن ، إلا إنها قيمة تقوم بالمال ،وهذا ما يمكن تقبله بصدد البحث العلمي شأنه في ذلك شأن الأشياء المعنوية الأخرى ، التي استقر الفقه بشأنها على إنها من قبيل الأموال . يتضح من كل ما تقدم ، إن مقايسة عقد البحث العلمي بعقد البيع تستند على ما يلي :-
2- إن المعلومات (أو المعرفة العلمية ) التي يتوصل لها الباحث ، لها قيمة اقتصادية قابلة للاستحواذ وهي تعد منتجاً من هذه الناحية ،إذ هناك علاقة قانونية بينهما وبين من توصل إليها ، علاقة يمكن وصفها بعلاقة المالك بالشيء الذي يملكه ،هذا ولما كانت الأموال المعنوية لها قيمة مالية، فأنها يمكن أن تصبح محلاً لحق ، إذ لا يمكن القول بوجود ملكية ما لم تكن هناك قيمة للمال محل هذه الملكية ،مما يترتب عليه جواز التنازل عن هذه القيمة مقابل ثمن و يعد عقد البيع أكثر أنواع العقود ملائمة لهذا التنازل(1). فالبيع هنا لا يعني نقل الملكية بالمعنى التقليدي لنقل ملكية الأشياء المادية وإنما نكون إزاء نقل ملكية معلومات، أي أشياء معنوية(2).
2- أن هذا التكييف يتفق وقصد المتعاقدين، طالما أن هذا العقد لا يتضمن أية مخالفة لأحكام عقد البيع التقليدي، ذلك أن المراد ببيع المعرفة العلمية – ما دامت هي أحدى صور المعلومات – هو تنازل الباحث عنها بشكل نهائي لتصبح من حق المستفيد، أي المشتري الذي يجوز له التصرف بها بالتصرفات القانونية كافة، فله أن يستغلها أو يستعملها أو يتصرف بها(3) . وله أن يحتج على الغير بملكيته لهذه المعلومات(4). وهذا التنازل يكون بمقابل هو الثمن، فاستغلال النشاط الذهني للإنسان بهدف الحصول على مقابل مالي أصبح الآن سمة من سمات العصر الحديث، لذا فأن عد عقد البحث العلمي عقد بيع تحصيل حاصل وأقرب إلى المنطق القانوني السليم(5).
3- أن حق الباحث على المعلومات هو حق المؤلف على مصنفه، إذ يعطيه صلاحية نقلها للغير، وبهذه الصورة فأن حق الباحث هو حق ملكية قابل للانتقال للغير.
1. أنظر قريب من هذا المعنى:- د. أحمد محمود سعد، نحو إرساء نظام قانوني لعقد المشورة المعلوماتية ،ط1 ،القاهرة ،1995 ،ص303. وأنظر:- د. سلام منعم مشعل، الحماية القانونية للمعرفة التقنية، أطروحة دكتوراه، مقدمة إلى كلية الحقوق، جامعة النهرين، 2003م،ص54.
2. أنظر في هذا المعنى:- د. السيد محمد السيد عمران، الطبيعة القانونية لعقود المعلومات ،مؤسسة الثقافة الجامعية ،الإسكندرية ،1992، / ص19.
3. د. صبري حمد خاطر، مصدر سابق، ص117.
4. المصدر السابق، ص118.
5. د. أحمد محمود سعد، مصدر سابق، ص304. د. سليم عبد الله أحمد، مصدر سابق، ص83.
الأربعاء مايو 25, 2011 4:03 pm من طرف samii
» يصدرمرسومين لتنظيم الملكيات الزراعية ومخالفات
الأربعاء مايو 25, 2011 3:47 pm من طرف samii
» أهمية علم النفس والطب النفسي في القضاء
الجمعة يناير 14, 2011 8:07 am من طرف الشيماء
» طلب مساعدة
الخميس ديسمبر 23, 2010 6:05 pm من طرف د.أيمن
» هل يجوز اجراء الكشف والتحقيق المحلي من قبل القاضي العقاري في
الخميس يناير 14, 2010 11:41 pm من طرف sharinolo
» تجربة
السبت سبتمبر 19, 2009 8:00 pm من طرف السراب
» روابط الكتب في المكتبة القانونية
الثلاثاء يونيو 02, 2009 5:15 pm من طرف السراب
» دراسة في التاجر من الناحية القانونية
الإثنين مارس 23, 2009 5:50 am من طرف سيف العرب
» دراسة في الاثبات الجنائي
الإثنين مارس 23, 2009 5:41 am من طرف سيف العرب
» دراسة عن التحكيم في اطار المنظمة العالمية للملكية الفكرية
الإثنين مارس 23, 2009 5:28 am من طرف سيف العرب
» دراسة عن التعاقد بطريقة المراسلة
الإثنين مارس 23, 2009 5:14 am من طرف سيف العرب
» دراسة في الانواع الشائعة لعقود المعلوماتية
الإثنين مارس 23, 2009 5:09 am من طرف سيف العرب
» دراسة في التحكيم واهميته
الإثنين مارس 23, 2009 4:57 am من طرف سيف العرب
» الالتزامات المترتبة على البائع عند قيام عقد البيع
الإثنين مارس 23, 2009 4:50 am من طرف سيف العرب
» أسباب العنف والجرائم في تقرير الأمم المتحدة
الإثنين أبريل 28, 2008 3:19 am من طرف سيف العرب
» ظاهرة الادمان على المخدرات- علم اجرام - سورية
السبت أبريل 19, 2008 10:52 pm من طرف ابن سوريا
» الرئيس الأسد يصدر مرسوماً بتعديل قانون السير والمركبات2008
الخميس أبريل 17, 2008 11:23 pm من طرف سيف العرب
» قانون الشركات 2008
الخميس أبريل 17, 2008 10:52 pm من طرف سيف العرب
» قانون المنافسة ومنع الاحتكار
الخميس أبريل 17, 2008 10:31 pm من طرف سيف العرب
» القانون رقم 4 للعام 2008 الخاص بالتحكيم
الخميس أبريل 17, 2008 10:23 pm من طرف سيف العرب