مقدمة
تعد مشكلة اللجوء من التحديات الكبرى، التي يواجهها المجتمع الدولي منذ أزمان بعيدة. ويكون سبب اللجوء عادة الكوارث الطبيعية، وسوء الأحوال الاقتصادية والاجتماعية، والمشكلات السياسية، والحروب الأهلية وغيرها من العوامل.
وتُعَدّ الترتيبات والتنظيمات الدولية المتعلقة باللاجئين حديثة، إذ يرجع تاريخها إلى العشرينات من القرن العشرين. ففي تلك الفترة شهد العالم نهاية الحرب العالمية الأولى، والثورة الروسية، وانهيار الإمبراطورية العثمانية، وما نتج عن تلك الأحداث من تحركات بشرية ضخمة، بلغت حوالي مليون ونصف، يراوحون بين لاجئ ونازح ومشرد، في آسيا الصغرى وأوروبا.
أولاً: تأسيس المفوضية وميزانيتها
1. النظام الدولي للاجئين في ظل عصبة الأمم
في أعقاب الحرب العالمية الأولى، تأسست في عام 1920 رابطة دولية، هدفها الحفاظ على السلام بين الأمم، عُرفت باسم "عصبة الأمم"، واتخذت من جنيف مقراً لها.
وفي يونيه 1921، لاحظت المنظمة الدولية تزايد أعداد اللاجئين الروس، حتى بلغ عددهم 800 ألف شخص، لذلك قررت إنشاء منصب "المفوض السامي لشؤون اللاجئين الروس"، ليتولى حلّ مشكلاتهم. واختير النرويجي "فريد جوف نانسن Nansn, Fridtjof" لشغل هذا المنصب.
وكان نانسن قد نفّذ ـ قبل اختياره لهذا المنصب ـ عدة عمليات إنسانية ضخمة؛ حيث تولى ـ بالنيابة عن عصبة الأمم ـ مهمة إعادة نصف مليون من أسرى الحرب إلى أوطانهم. كما أشرف على جهود الإغاثة لمواجهة المجاعة في الاتحاد السوفيتي عام 1921.
وفي عام 1924 امتدت مسؤوليات المفوض السامي لتشمل اللاجئين الأرمن. كما امتدت عام 1928 لتشمل اللاجئين الآشوريين والكلدانيين.
وخلال الثلاثينيات من القرن العشرين، أنشأت عصبة الأمم عدة منظمات، واتخذت عدة ترتيبات لمعالجة أوضاع اللجوء الجديدة، منها:
أ. في عام 1930، قررت عصبة الأمم إنشاء "مكتب نانسن للاجئين"
وهي وكالة دولية أطلق عليها اسم "نانسن" تقديراً لما أداه نانسن من خدمات لصالح اللاجئين. وقد توفي في العام نفسه. وشملت اختصاصات هذا المكتب اللاجئين، الذين كان يرعاهم المفوض نانسن، وامتد نشاط المكتب حتى سنة 1938. وحصل المكتب خلال تلك الفترة، على جائزة نوبل للسلام نظراً لدوره الإنساني تجاه اللاجئين.
ب. في عام 1930، أنشأت عصبة الأمم وكالة خاصة باللاجئين الألمان، أطلق عليها اسم "مكتب المندوب السامي لشؤون اللاجئين القادمين من ألمانيا"، وعهدت إليها مهمة رعاية اللاجئين القادمين من النمسا. عملت هاتان الوكالتان منعزلتان حتى سنة 1932، ثم قررت عصبة الأمم توحيدها تحت هيئة واحدة.
ج. في عام 1932 قررت 32 دولة، من بينها الولايات المتحدة، إنشاء وكالة للاجئين خارج إطار عصبة الأمم، "أُطلق عليها اسم "الوكالة الحكومية للاجئين". وكان هدفها إعادة توطين اللاجئين القادمين من ألمانيا والنمسا، وبعد ذلك من أسبانيا. وقامت هذه الوكالة بدور أساسي، خاصة بعد اندلاع الحرب العالمية الثانية؛ حيث شملت اختصاصاتها كل من دفعت بهم الحرب إلى طلب اللجوء.
2. الأمم المتحدة واللاجئون
عندما حلّت الأمم المتحدة محل عصبة الأمم، اعترفت منذ البداية أن مهمة رعاية اللاجئين مسؤولية دولية، وأن على المجتمع الدولي ـ وفقاً للميثاق ـ أن يتحمل المسؤولية الجماعية عن الفارين من الاضطهاد. وفي ضوء ذلك اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الأولى، التي عقدت في بداية عام 1946، قراراً أرسى أسس أنشطة الأمم المتحدة لمصلحة اللاجئين. وفي هذا القرار أكدت الجمعية العامة أنه لا يجوز إرغام أي لاجئ أو مشرد على العودة إلى بلده الأصلي، إذا أبدى اعتراضات سليمة على ذلك.
كما أنشأت الأمم المتحدة جهازاً جديداً، هو "المنظمة الدولية للاجئين"، بناءً على توصية من المجلس الاقتصادي، بقرارها الصادر في 15 ديسمبر 1946. وامتد نشاط هذه المنظمة خلال الفترة من 1947 إلى 1951.
وتعد "المنظمة الدولية للاجئين" أول الأجهزة، التي تعالج مشكلات اللاجئين بشكل شامل. وامتدت ولاية المنظمة لتشمل حماية مجموعات اللاجئين، الذين اعترفت بهم عصبة الأمم. إضافة إلى فئة جديدة ضمت اللاجئين، الذين تفرقوا في أنحاء أوروبا في أعقاب الحرب العالمية الثانية.
3. ظروف نشأة المفوضية السامية
جاءت فكرة إنشاء منظمة جديدة تعنى باللاجئين، حينما تبين أن "المنظمة الدولية للاجئين" لن تتمكن من إعادة توطين ما تبقي من لاجئ الحرب العالمية الثانية، الذين بلغ عددهم 400 ألف لاجئ، قبل يونيه 1950، الموعد المحدد لنهاية ولايتها.
وتعززت هذه الفكرة حيثما أخذ عدد اللاجئين يزداد من جديد، إثر التحولات السياسية، التي عرفتها الدول الأوروبية الشرقية، وكذلك تلك التي نجمت عن اندلاع الحرب الباردة. كما كانت المنظمة تعاني من عجز مالي كبير، ومن ضعف في وسائلها البشرية والمادية. لذا قررت الدول، التي كانت تنتمي إليها هذه المنظمة، أن الوقت قد حان لكي تضطلع الأمم المتحدة بمسؤولياتها وأن تبحث عن وسيلة أنجح توفر الحماية الضرورية للاجئين.
ونتيجة لهذه التطورات الجديدة، ناقشت الجمعية العامة للأمم المتحدة سنة 1949، موضوع معالجة مُشْكلة اللاجئين.
وبعد مناقشات طويلة وجادة، أصدرت الجمعية العامة في بداية ديسمبر 1949 قرارها الرقم 319، الذي أعلنت فيه:
أ. بعض المبادئ الأساسية، مثل الاعتراف أن مشكلة اللاجئين مشكلة دولية تهم المجتمع الدولي بأكمله، وأن الأمم المتحدة مسؤولة عن كل ما يهم اللاجئين.
ب. إنشاء المفوضية السامية لشؤون اللاجئين لفترة ثلاث سنوات، ابتداءً من أول يناير 1951، باعتبارها أحد الأجهزة التابعة للأمم المتحدة، وفقاً للمادة 22 من الميثاق. (اُنظر ملحق قائمة أسماء الدول الأطراف في اتفاقية عام 1951، والبروتوكول الخاص بمركز اللاجئ، أو في أحدهما (في 20 نيسان/ أبريل 1994)) (http://www.f-law.net/law/showpost.php?p=42716&postcount=4)
وفي 14 ديسمبر 1950، أقرت الجمعية العامة النظام الأساسي للمفوضية السامية بأغلبية 36 عضواً، واعتراض خمسة أعضاء، وامتناع أحد عشر عن التصويت.
وفي عام 1954، قررت الجمعية العامة للأمم المتحدة تمديد ولاية المفوضية لمدة خمس سنوات، قابلة للتجديد. وقد تبنت الجمعية قرارات متعاقبة بتمديد ولاية المفوضية، آخرها كان قرارها الصادر خلال الدورة السابعة والأربعين، القاضي بأن تستمر ولاية المفوضية لمدة خمس سنوات أخرى، ابتداءً من أول يناير 1994.
4. المفوض السامي
وتنتخب الجمعية العامة للأمم المتحدة، مفوضاً سامياً لشؤون اللاجئين بناءً على ترشيح الأمين العام. وبموجب النظام الأساسي، يعمل المفوض السامي تحت سلطة الجمعية العامة، وفي إطار التوجهات السياسية العامة، التي يتلقاها من الجمعية والمجلس الاقتصادي والاجتماعي. (أُنظر ملحق أسماء المفاوضين الساميين الذين تعاقبوا على المفوضية) (http://www.f-law.net/law/showpost.php?p=42717&postcount=5)5. اللجنة التنفيذية لبرنامج المفوضية
أنشئت بقرار الجمعية العامة الرقم 1166 (د/20)، لجنة تتألف، حالياً، من 47 دولة (أُنظر ملحق الدول الأعضاء في اللجنة التنفيذية لبرامج المفوضية) (http://www.f-law.net/law/showpost.php?p=42718&postcount=6)، تشرف على ميزانية المفوضية، وتقدم الرأي في شؤون حماية اللاجئين. وهي تعقد دورة كل سنة في جنيف في شهر أكتوبر، لإقرار برامج المفوضية وتحديد الموارد المالية المستهدفة لتنفيذ هذه البرامج. وتنبثق عن هذه اللجنة لجنتان فرعيتان: "اللجنة الفرعية الجامعة" المعنية بالجماعة الدولية، التي بدأت عملها عام 1975. و"اللجنة الفرعية للمسائل الإدارية والمالية"، التي بدأت عملها عام 1980.
وبلغ عدد العاملين في المفوضية أكثر من 4400 شخص منهم، 3500 في الميدان، و 900 في المقر الرئيسي. وتتغير الخريطة الجغرافية لوجود المفوضية في العالم تغيراً سريعاً كلما ظهرت أوضاع لجوء جديدة، أو كلما ظهرت احتمالات الوصول إلى حلول.
6. الأشخاص الذين ترعاهم المفوضية
ينص النظام الأساسي للمفوضية صراحة، أن عمل المفوضية إنساني وأنه غير سياسي؛ وأنه يعنى بمعالجة شؤون مجموعات أو فئات من اللاجئين. وقد عرّف النظام الأساسي في المادتين السادسة والسابعة اللاجئ بأنه: "كل شخص يخشى ـ لدواعٍ حقيقية ـ أن يناله الاضطهاد بسبب العرق أو الدين أو الجنسية، أو الرأي السياسي، ويكون خارج البلد الذي يحمل جنسيته، ولا يستطيع، أو لا يرغب، بسبب هذه الخشية، أو لأسباب أخرى، غير اختياره الشخصي، أن يحتمي بهذا البلد". (أُنظر جدول الأشخاص الذين ترعاهم المفوضية ضمن ولايتها حسب الأقاليم) (http://www.f-law.net/law/showpost.php?p=42745&postcount=14)
وهذا التعريف، الذي يشدد على الاضطهاد الشخصي، لا يزال أساس ولاية المفوضية، ولكن أدخلت عليه معايير إضافية بالتدريج، لاستيعاب تدفقات اللاجئين المتغيرة. وتقدم المفوضية حالياً الحماية والمساعدة لمجموعات من اللاجئين الفارين، من خليط الاضطهاد والنزاعات وانتهاكات حقوق الإنسان، على نطاق واسع.
وكانت ولاية المفوضية في البداية، قاصرة على الأشخاص الموجودين خارج بلدهم الأصلي. ولكن مع الزمن أصبحت تعمل على مساعدة اللاجئين العائدين إلى بلدهم الأصلي وحمايتهم فيه، وذلك ضماناً لتنفيذ عمليات العودة الطّوعية.
وفي السنوات الأخيرة أمتد عمل المفوضية ليشمل المشردين داخل أوطانهم، الذين لم يعبروا حدوداً دولية، إلاّ أن أوضاعهم داخل بلادهم تماثل أوضاع اللاجئين، كما حدث في يوغوسلافيا السابقة، وجمهورية البوسنة والهرسك.
7. اختصاصات المفوضية
يعهد النظام السياسي للمفوضية بمهمتين أساسيتين، هما: توفير الحماية الدولية للاجئين، والبحث عن حلول دائمة لمشكلاتهم. (اُنظر ملحق حقائق أساسية حتى أغسطس 1996) (http://www.f-law.net/law/showpost.php?p=42719&postcount=7)
أ. توفير الحماية الدولية للاجئين
بما أن اللاجئ هو الشخص، الذي فقد الحماية في بلده، فإن هدف المفوضية أن تجعل اللاجئ يتمتع بالحقوق والحريات الأساسية المعترف بها لكل إنسان، أينما كان ومن دون تمييز.
وانطلاقاً من هذا الهدف، فتوفير الحماية يعني قيام المفوضية بمساعٍ لدى الدول المعنية لإقناعها بالآتي:
(1) عدم ترحيل من يطالب باللجوء إلى بلد، يمكن أن يجد فيه ما يدعو للخوف من الاضطهاد.
(2) منحه صفة اللجوء، إذا ثبت أن حالة اللاجئ تنطبق عليها الأوضاع القانونية المعهود بها دولياً.
(3) جعل اللاجئ يتمتع بالحقوق والحريات الأساسية، التي يعترف بها المواطنون عادة، وكذلك الحقوق والضمانات التي يقرها المجتمع الدولي لصالح الأفراد، خاصة اللاجئين منهم.
وتشير المادة الثانية من النظام الأساسي، والقرارات ذات الصلة الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة، إلى مجموعة من الإجراءات التي يضطلع بها المفوض السامي، من أجل تعزيز حقوق اللاجئين، منها:
(1) تشجيع الدول على الانضمام إلى الاتفاقيات الدولية في شأن اللاجئين، وضمان تطبيق المعايير الواردة بها.
(2) ضمان فحص طلبات اللجوء فحصاً عادلاً، واحترام مبدأ عدم الإبعاد.
(3) ضمان معاملة اللاجئين؛ وفقاً للمعايير الدولية، وحصولهم على الوضع القانوني السليم، بما في ذلك حصولهم على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية مثل مواطني البلد، الذي حصلوا فيه على حق اللجوء.
(4) مساعدة اللاجئين على العودة إلى أوطانهم طواعية، و إلاّ حصلوا على جنسية بلد الإقامة.
(5) المساعدة على إدماج اللاجئين العائدين إلى بلادهم بالتشاور الوثيق مع الحكومات المعنية، ورصد تنفيذ أحكام العفو، أو الضمانات، أو التأكيدات التي عادوا إلى بلادهم على أساسها.
(6) الاهتمام بأمن اللاجئين وطالبي اللجوء والعائدين، خصوصاً سلامتهم من الهجمات العسكرية وسائر أعمال العنف.
(7) العمل على جمع شمل أسر اللاجئين.
ب. البحث عن حلول دائمة لمشكلات اللاجئين
وفي السعي لإيجاد حلول دائمة لمشكلات اللاجئين، تحاول المفوضية مساعدة الراغبين في العودة الطّوعية إلى بلادهم، أو الاندماج في بلدان اللجوء، أو مساعدتهم على الاستقرار من جديد في بلدان أخرى.
(1) العودة الطّوعية إلى دول الأصل
تعد العودة الطوعية، منذ زمن بعيد، أفضل الحلول لمشكلات اللاجئين. (جدول التحركات الرئيسية للعودة الطوعية للوطن في عام 1995، حسب الوجهة التي يقصدها اللاجئون) (http://www.f-law.net/law/showpost.php?p=42725&postcount=9)
ففي عام 1933 عاد أكثر من1.800.000 لاجئ إلى بلادهم الأصلية، في كل من أفغانستان وكوريا وإثيوبيا وميانمار والصومال.
ويعتمد أسلوب المفوضية في العودة الطّوعية، على عدة عوامل أهمها: أحوال البلد الأصلي، فما لم تقنع المفوضية بأن الظروف الأمنية تسمح بعودة اللاجئين، فإنها لا تشجع على العودة، ولكن يجوز لها أن تسهل حركات العودة التلقائية، ويكون ذلك مثلاً بتقديم مِنَح للسفر، أو مِنَح عينية، كما حدث في حالة الأفغان العائدين من باكستان، وجمهورية إيران الإسلامية. أما إذا كانت ظروف البلد الأمنية تسمح بالعودة، فإن المفوضية تعمل بنشاط على تشجيع العودة وتنظيمها، كما حدث عند نقل 41000 لاجئ بطرق الجو إلى ناميبيا، أو عودة 387.000 لاجئ كمبودي من تايلاند في عام 1992، وفي أوائل 1993. كما بلغ عدد العراقيين الذين عادوا طوعاً بعد حرب الخليج 3010 وذلك حتى 31 مايو 1991 (أُنظر جدول العدد الإجمالي للاجئين العراقيين الذين غادروا المملكة العربية السعودية طواعية تحت إشراف المفوضية) (http://www.f-law.net/law/showpost.php?p=42735&postcount=10)
وفي حالات أخرى تشجع، المفوضية العودة للوطن، وتقديم المساعدات للعائدين، ولكنها لا تنظم النقل إلاّ لمن يعجزون عن وضع ترتيبات لأنفسهم؛ كما حدث عند عودة 1.700.000 لاجئ موزمبيقي في منتصف 1993 (اُنظر جدول أكبر عمليات المفوضية عام 1993). (http://www.f-law.net/law/showpost.php?p=42740&postcount=11)
وعندما تنظم المفوضية العودة الطوعية، أو تسهلها؛ فإنها تحاول ـ بقدر الإمكان ـ وضع إطار قانوني لحماية حقوق العائدين ومصالحهم. ومن الخطوات اللازمة لذلك:
(أ) التفاوض على أحكام العفو.
(ب) وضمانات عدم توجيه تهم ضد العائدين. وتكون هذه الترتيبات في شكل اتفاقيات مكتوبة بمناسبة العودة.
وكثيراً ما تبرم اتفاقيات ثلاثية بين البلد الأصل، وبلد اللجوء، والمفوضية تنص على شروط العودة، وتقرر ضمانات للعائدين.
والرجوع الطوعي بعد البقاء لزمن طويل في حالة اللجوء، يتطلب ـ غالباً ـ منح اللاجئ الوسائل المادية الكفيلة بمساعدته على بناء حياة جديدة في بلده، وهذا يتطلب موارد مالية ضخمة، خاصة إذا كان عدد العائدين كبيراً جداً، ولم تعد دولة الأصل قادرة على إيوائهم في ظروف ملائمة، بعد انهيار إمكاناتها لسبب من الأسباب من بينها الحروب الأهلية.
ولتشجيع العودة الطوعية وضمان نجاح عملية إعادة الاندماج، توسعت أنشطة المفوضية في دولة الأصل وامتدت لتشمل تقديم المساعدة، دون التفريق بين اللاجئين والعائدين والسكان المحليين المتضريين، وسدّ حاجات المجتمع المحلي؛ بهدف تثبيت السكان ومنع وقوع عمليات نزوح جديدة.
كما تقوم المفوضية، بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، بمساعدة العائدين ومجتمعاتهم على استعادة الاكتفاء الذاتي بأتباع أسلوب عرف باسم "المشروعات سريعة الأثر". ومن هذه المشروعات إصلاح المرافق الأساسية، أو إعادة بنائها؛ مثل المدارس والمراكز الصحية، والطرق، والجسور، أو تشجيع القطاع الزراعي بتقديم البذور والحيوانات والآلات، وتسهيل النقل، أو تشجيع التجارة الصغيرة في المناطق الريفية والحضرية.
(2) الاستقرار محلياً
إذا تعذرت العودة الطوعية للاجئين، يكون العمل على توفير أسباب الاستقرار في البلد المضيف، ولا يتم ذلك إلاّ بموافقة حكومة بلد اللجوء. فتسعى المفوضية لإقناع الحكومات بإدماج اللاجئين في دولهم الجديدة وتشجيع ذلك، باقتراح برامج إنمائية تسهر على وضعها وتمويلها المفوضية، حتى يتسنى للاجئين تحقيق الاكتفاء الذاتي، والمساهمة في إنعاش اقتصاد بلدهم الجديد. ومع تزايد أعداد اللاجئين، أصبحت فرص الاستقرار المحلي محدودة جداً.
(3) الاستقرار في بلد ثالث
وإذا تعذّر استقرار اللاجئين في بلد اللجوء، تتجه المفوضية السامية نحو دول أخرى غير دولة الأصل أو دول اللجوء، لإقناعها بقبول اللاجئين في إطار ما يسمي عمليات "إعادة الاستيطان"، وهي ترمي إلى إعطاء اللاجئين الفرصة للاستقرار والعيش في بلد جديد. وهناك دولٌ لا تمنح اللجوء إلاّ بصفة مؤقتة، وتشترط إعادة توطين اللاجئين بعد ذلك. وحتى في الدّول التي تفرض مثل هذا الشرط، ربما تفرض الظروف المحلية الاقتصادية والسياسية أو الأمنية نقل اللاجئين إلى مكان آخر، ولا يتخذ قرار إعادة توطين اللاجئ إلاّ عندما يتعذر وجود خيار آخر يضمن السلامة القانونية والبدنية للاجئ. ففي عام 1993 أعادت المفوضية توطين 75 ألف لاجئ، كانت أكبر مجموعة منهم من الشرق الأوسط. كما أن عدد الذين غادروا المملكة العربية السعودية، في إطار عمليات إعادة الاستقرار، من اللاجئين العراقيين، بلغ 21.412 حتى 31 مايو 1997. (اُنظر جدول بلدان منشأ جماعات اللاجئين (أكبر عشر مجموعات) التقديرات حتى يوليه 1996) (http://www.f-law.net/law/showpost.php?p=42742&postcount=12)
وفي أغلب الأحوال لا تستدعي حالة اللاجئ توفير الحماية وإيجاد الحلول الدائمة فحسب، ولكن قبل كل شيء قد يستدعى الأمر المساعدتين المادية المستعجلة والوقائية، من طوارئ اللجوء.
(أ) المساعدات المالية
غالباً ما يضطر اللاجئ ـ عند مغادرة بلده ـ إلى التخلي عن كل ممتلكاته، حتى يتمكن من الفرار، والولوج إلى البلد الذي يمكن أن يستنجد بحمايته.
ومن الملاحظ أن اتفاقية جنيف لم تشر إلى مسألة تقديم المساعدة للاجئين؛ وكذلك النظام الأساسي للمفوضية، الذي اكتفي بالإشارة إلى أن على المفوضية "التنسيق بين جهود الهيئات الخاصة التي تعنى بتقديم المساعدة للاجئين". ولكن عندما بدأت المفوضية في مزاولة نشاطاتها، سرعان ما تبين لها أن من الشروط الأساسية للحماية، توفير المساعدات المالية الضرورية للاجئ، خاصة بعد تكاثر نزوح اللاجئين من دول العالم الثالث وإليها.
ومع مرور الزمن أصبح تقديم المساعدة المادية للاجئين، من بين الاختصاصات الحيوية للمفوضية. ووضعت لهذه المساعدات سياسة واضحة المعالم، ترتكز على عناصر ومبادئ أساسية، من بينها:
· تتم تغطية النفقات، التي تستلزمها عمليات مساعدة اللاجئين، في إطار برامج يساهم في تمويلها طوعاً كل من يرغب في ذلك من دول ومؤسسات دولية، وهيئات غير حكومية، وحتى أشخاص عاديين. وتنقسم هذه البرامج إلى برامج عامة، وأخرى خاصة.
· أما البرامج العامة، فهي التي تحظى بالقسط الأوفر في ميزانية المفوضية السنوية، فهي تخص مشاريع المساعدة الأساسية، انطلاقاً من النفقات، التي تتطلبها حالة الطوارئ، حتى مرحلة البحث عن حلول دائمة.
تعد مشكلة اللجوء من التحديات الكبرى، التي يواجهها المجتمع الدولي منذ أزمان بعيدة. ويكون سبب اللجوء عادة الكوارث الطبيعية، وسوء الأحوال الاقتصادية والاجتماعية، والمشكلات السياسية، والحروب الأهلية وغيرها من العوامل.
وتُعَدّ الترتيبات والتنظيمات الدولية المتعلقة باللاجئين حديثة، إذ يرجع تاريخها إلى العشرينات من القرن العشرين. ففي تلك الفترة شهد العالم نهاية الحرب العالمية الأولى، والثورة الروسية، وانهيار الإمبراطورية العثمانية، وما نتج عن تلك الأحداث من تحركات بشرية ضخمة، بلغت حوالي مليون ونصف، يراوحون بين لاجئ ونازح ومشرد، في آسيا الصغرى وأوروبا.
أولاً: تأسيس المفوضية وميزانيتها
1. النظام الدولي للاجئين في ظل عصبة الأمم
في أعقاب الحرب العالمية الأولى، تأسست في عام 1920 رابطة دولية، هدفها الحفاظ على السلام بين الأمم، عُرفت باسم "عصبة الأمم"، واتخذت من جنيف مقراً لها.
وفي يونيه 1921، لاحظت المنظمة الدولية تزايد أعداد اللاجئين الروس، حتى بلغ عددهم 800 ألف شخص، لذلك قررت إنشاء منصب "المفوض السامي لشؤون اللاجئين الروس"، ليتولى حلّ مشكلاتهم. واختير النرويجي "فريد جوف نانسن Nansn, Fridtjof" لشغل هذا المنصب.
وكان نانسن قد نفّذ ـ قبل اختياره لهذا المنصب ـ عدة عمليات إنسانية ضخمة؛ حيث تولى ـ بالنيابة عن عصبة الأمم ـ مهمة إعادة نصف مليون من أسرى الحرب إلى أوطانهم. كما أشرف على جهود الإغاثة لمواجهة المجاعة في الاتحاد السوفيتي عام 1921.
وفي عام 1924 امتدت مسؤوليات المفوض السامي لتشمل اللاجئين الأرمن. كما امتدت عام 1928 لتشمل اللاجئين الآشوريين والكلدانيين.
وخلال الثلاثينيات من القرن العشرين، أنشأت عصبة الأمم عدة منظمات، واتخذت عدة ترتيبات لمعالجة أوضاع اللجوء الجديدة، منها:
أ. في عام 1930، قررت عصبة الأمم إنشاء "مكتب نانسن للاجئين"
وهي وكالة دولية أطلق عليها اسم "نانسن" تقديراً لما أداه نانسن من خدمات لصالح اللاجئين. وقد توفي في العام نفسه. وشملت اختصاصات هذا المكتب اللاجئين، الذين كان يرعاهم المفوض نانسن، وامتد نشاط المكتب حتى سنة 1938. وحصل المكتب خلال تلك الفترة، على جائزة نوبل للسلام نظراً لدوره الإنساني تجاه اللاجئين.
ب. في عام 1930، أنشأت عصبة الأمم وكالة خاصة باللاجئين الألمان، أطلق عليها اسم "مكتب المندوب السامي لشؤون اللاجئين القادمين من ألمانيا"، وعهدت إليها مهمة رعاية اللاجئين القادمين من النمسا. عملت هاتان الوكالتان منعزلتان حتى سنة 1932، ثم قررت عصبة الأمم توحيدها تحت هيئة واحدة.
ج. في عام 1932 قررت 32 دولة، من بينها الولايات المتحدة، إنشاء وكالة للاجئين خارج إطار عصبة الأمم، "أُطلق عليها اسم "الوكالة الحكومية للاجئين". وكان هدفها إعادة توطين اللاجئين القادمين من ألمانيا والنمسا، وبعد ذلك من أسبانيا. وقامت هذه الوكالة بدور أساسي، خاصة بعد اندلاع الحرب العالمية الثانية؛ حيث شملت اختصاصاتها كل من دفعت بهم الحرب إلى طلب اللجوء.
2. الأمم المتحدة واللاجئون
عندما حلّت الأمم المتحدة محل عصبة الأمم، اعترفت منذ البداية أن مهمة رعاية اللاجئين مسؤولية دولية، وأن على المجتمع الدولي ـ وفقاً للميثاق ـ أن يتحمل المسؤولية الجماعية عن الفارين من الاضطهاد. وفي ضوء ذلك اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الأولى، التي عقدت في بداية عام 1946، قراراً أرسى أسس أنشطة الأمم المتحدة لمصلحة اللاجئين. وفي هذا القرار أكدت الجمعية العامة أنه لا يجوز إرغام أي لاجئ أو مشرد على العودة إلى بلده الأصلي، إذا أبدى اعتراضات سليمة على ذلك.
كما أنشأت الأمم المتحدة جهازاً جديداً، هو "المنظمة الدولية للاجئين"، بناءً على توصية من المجلس الاقتصادي، بقرارها الصادر في 15 ديسمبر 1946. وامتد نشاط هذه المنظمة خلال الفترة من 1947 إلى 1951.
وتعد "المنظمة الدولية للاجئين" أول الأجهزة، التي تعالج مشكلات اللاجئين بشكل شامل. وامتدت ولاية المنظمة لتشمل حماية مجموعات اللاجئين، الذين اعترفت بهم عصبة الأمم. إضافة إلى فئة جديدة ضمت اللاجئين، الذين تفرقوا في أنحاء أوروبا في أعقاب الحرب العالمية الثانية.
3. ظروف نشأة المفوضية السامية
جاءت فكرة إنشاء منظمة جديدة تعنى باللاجئين، حينما تبين أن "المنظمة الدولية للاجئين" لن تتمكن من إعادة توطين ما تبقي من لاجئ الحرب العالمية الثانية، الذين بلغ عددهم 400 ألف لاجئ، قبل يونيه 1950، الموعد المحدد لنهاية ولايتها.
وتعززت هذه الفكرة حيثما أخذ عدد اللاجئين يزداد من جديد، إثر التحولات السياسية، التي عرفتها الدول الأوروبية الشرقية، وكذلك تلك التي نجمت عن اندلاع الحرب الباردة. كما كانت المنظمة تعاني من عجز مالي كبير، ومن ضعف في وسائلها البشرية والمادية. لذا قررت الدول، التي كانت تنتمي إليها هذه المنظمة، أن الوقت قد حان لكي تضطلع الأمم المتحدة بمسؤولياتها وأن تبحث عن وسيلة أنجح توفر الحماية الضرورية للاجئين.
ونتيجة لهذه التطورات الجديدة، ناقشت الجمعية العامة للأمم المتحدة سنة 1949، موضوع معالجة مُشْكلة اللاجئين.
وبعد مناقشات طويلة وجادة، أصدرت الجمعية العامة في بداية ديسمبر 1949 قرارها الرقم 319، الذي أعلنت فيه:
أ. بعض المبادئ الأساسية، مثل الاعتراف أن مشكلة اللاجئين مشكلة دولية تهم المجتمع الدولي بأكمله، وأن الأمم المتحدة مسؤولة عن كل ما يهم اللاجئين.
ب. إنشاء المفوضية السامية لشؤون اللاجئين لفترة ثلاث سنوات، ابتداءً من أول يناير 1951، باعتبارها أحد الأجهزة التابعة للأمم المتحدة، وفقاً للمادة 22 من الميثاق. (اُنظر ملحق قائمة أسماء الدول الأطراف في اتفاقية عام 1951، والبروتوكول الخاص بمركز اللاجئ، أو في أحدهما (في 20 نيسان/ أبريل 1994)) (http://www.f-law.net/law/showpost.php?p=42716&postcount=4)
وفي 14 ديسمبر 1950، أقرت الجمعية العامة النظام الأساسي للمفوضية السامية بأغلبية 36 عضواً، واعتراض خمسة أعضاء، وامتناع أحد عشر عن التصويت.
وفي عام 1954، قررت الجمعية العامة للأمم المتحدة تمديد ولاية المفوضية لمدة خمس سنوات، قابلة للتجديد. وقد تبنت الجمعية قرارات متعاقبة بتمديد ولاية المفوضية، آخرها كان قرارها الصادر خلال الدورة السابعة والأربعين، القاضي بأن تستمر ولاية المفوضية لمدة خمس سنوات أخرى، ابتداءً من أول يناير 1994.
4. المفوض السامي
وتنتخب الجمعية العامة للأمم المتحدة، مفوضاً سامياً لشؤون اللاجئين بناءً على ترشيح الأمين العام. وبموجب النظام الأساسي، يعمل المفوض السامي تحت سلطة الجمعية العامة، وفي إطار التوجهات السياسية العامة، التي يتلقاها من الجمعية والمجلس الاقتصادي والاجتماعي. (أُنظر ملحق أسماء المفاوضين الساميين الذين تعاقبوا على المفوضية) (http://www.f-law.net/law/showpost.php?p=42717&postcount=5)5. اللجنة التنفيذية لبرنامج المفوضية
أنشئت بقرار الجمعية العامة الرقم 1166 (د/20)، لجنة تتألف، حالياً، من 47 دولة (أُنظر ملحق الدول الأعضاء في اللجنة التنفيذية لبرامج المفوضية) (http://www.f-law.net/law/showpost.php?p=42718&postcount=6)، تشرف على ميزانية المفوضية، وتقدم الرأي في شؤون حماية اللاجئين. وهي تعقد دورة كل سنة في جنيف في شهر أكتوبر، لإقرار برامج المفوضية وتحديد الموارد المالية المستهدفة لتنفيذ هذه البرامج. وتنبثق عن هذه اللجنة لجنتان فرعيتان: "اللجنة الفرعية الجامعة" المعنية بالجماعة الدولية، التي بدأت عملها عام 1975. و"اللجنة الفرعية للمسائل الإدارية والمالية"، التي بدأت عملها عام 1980.
وبلغ عدد العاملين في المفوضية أكثر من 4400 شخص منهم، 3500 في الميدان، و 900 في المقر الرئيسي. وتتغير الخريطة الجغرافية لوجود المفوضية في العالم تغيراً سريعاً كلما ظهرت أوضاع لجوء جديدة، أو كلما ظهرت احتمالات الوصول إلى حلول.
6. الأشخاص الذين ترعاهم المفوضية
ينص النظام الأساسي للمفوضية صراحة، أن عمل المفوضية إنساني وأنه غير سياسي؛ وأنه يعنى بمعالجة شؤون مجموعات أو فئات من اللاجئين. وقد عرّف النظام الأساسي في المادتين السادسة والسابعة اللاجئ بأنه: "كل شخص يخشى ـ لدواعٍ حقيقية ـ أن يناله الاضطهاد بسبب العرق أو الدين أو الجنسية، أو الرأي السياسي، ويكون خارج البلد الذي يحمل جنسيته، ولا يستطيع، أو لا يرغب، بسبب هذه الخشية، أو لأسباب أخرى، غير اختياره الشخصي، أن يحتمي بهذا البلد". (أُنظر جدول الأشخاص الذين ترعاهم المفوضية ضمن ولايتها حسب الأقاليم) (http://www.f-law.net/law/showpost.php?p=42745&postcount=14)
وهذا التعريف، الذي يشدد على الاضطهاد الشخصي، لا يزال أساس ولاية المفوضية، ولكن أدخلت عليه معايير إضافية بالتدريج، لاستيعاب تدفقات اللاجئين المتغيرة. وتقدم المفوضية حالياً الحماية والمساعدة لمجموعات من اللاجئين الفارين، من خليط الاضطهاد والنزاعات وانتهاكات حقوق الإنسان، على نطاق واسع.
وكانت ولاية المفوضية في البداية، قاصرة على الأشخاص الموجودين خارج بلدهم الأصلي. ولكن مع الزمن أصبحت تعمل على مساعدة اللاجئين العائدين إلى بلدهم الأصلي وحمايتهم فيه، وذلك ضماناً لتنفيذ عمليات العودة الطّوعية.
وفي السنوات الأخيرة أمتد عمل المفوضية ليشمل المشردين داخل أوطانهم، الذين لم يعبروا حدوداً دولية، إلاّ أن أوضاعهم داخل بلادهم تماثل أوضاع اللاجئين، كما حدث في يوغوسلافيا السابقة، وجمهورية البوسنة والهرسك.
7. اختصاصات المفوضية
يعهد النظام السياسي للمفوضية بمهمتين أساسيتين، هما: توفير الحماية الدولية للاجئين، والبحث عن حلول دائمة لمشكلاتهم. (اُنظر ملحق حقائق أساسية حتى أغسطس 1996) (http://www.f-law.net/law/showpost.php?p=42719&postcount=7)
أ. توفير الحماية الدولية للاجئين
بما أن اللاجئ هو الشخص، الذي فقد الحماية في بلده، فإن هدف المفوضية أن تجعل اللاجئ يتمتع بالحقوق والحريات الأساسية المعترف بها لكل إنسان، أينما كان ومن دون تمييز.
وانطلاقاً من هذا الهدف، فتوفير الحماية يعني قيام المفوضية بمساعٍ لدى الدول المعنية لإقناعها بالآتي:
(1) عدم ترحيل من يطالب باللجوء إلى بلد، يمكن أن يجد فيه ما يدعو للخوف من الاضطهاد.
(2) منحه صفة اللجوء، إذا ثبت أن حالة اللاجئ تنطبق عليها الأوضاع القانونية المعهود بها دولياً.
(3) جعل اللاجئ يتمتع بالحقوق والحريات الأساسية، التي يعترف بها المواطنون عادة، وكذلك الحقوق والضمانات التي يقرها المجتمع الدولي لصالح الأفراد، خاصة اللاجئين منهم.
وتشير المادة الثانية من النظام الأساسي، والقرارات ذات الصلة الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة، إلى مجموعة من الإجراءات التي يضطلع بها المفوض السامي، من أجل تعزيز حقوق اللاجئين، منها:
(1) تشجيع الدول على الانضمام إلى الاتفاقيات الدولية في شأن اللاجئين، وضمان تطبيق المعايير الواردة بها.
(2) ضمان فحص طلبات اللجوء فحصاً عادلاً، واحترام مبدأ عدم الإبعاد.
(3) ضمان معاملة اللاجئين؛ وفقاً للمعايير الدولية، وحصولهم على الوضع القانوني السليم، بما في ذلك حصولهم على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية مثل مواطني البلد، الذي حصلوا فيه على حق اللجوء.
(4) مساعدة اللاجئين على العودة إلى أوطانهم طواعية، و إلاّ حصلوا على جنسية بلد الإقامة.
(5) المساعدة على إدماج اللاجئين العائدين إلى بلادهم بالتشاور الوثيق مع الحكومات المعنية، ورصد تنفيذ أحكام العفو، أو الضمانات، أو التأكيدات التي عادوا إلى بلادهم على أساسها.
(6) الاهتمام بأمن اللاجئين وطالبي اللجوء والعائدين، خصوصاً سلامتهم من الهجمات العسكرية وسائر أعمال العنف.
(7) العمل على جمع شمل أسر اللاجئين.
ب. البحث عن حلول دائمة لمشكلات اللاجئين
وفي السعي لإيجاد حلول دائمة لمشكلات اللاجئين، تحاول المفوضية مساعدة الراغبين في العودة الطّوعية إلى بلادهم، أو الاندماج في بلدان اللجوء، أو مساعدتهم على الاستقرار من جديد في بلدان أخرى.
(1) العودة الطّوعية إلى دول الأصل
تعد العودة الطوعية، منذ زمن بعيد، أفضل الحلول لمشكلات اللاجئين. (جدول التحركات الرئيسية للعودة الطوعية للوطن في عام 1995، حسب الوجهة التي يقصدها اللاجئون) (http://www.f-law.net/law/showpost.php?p=42725&postcount=9)
ففي عام 1933 عاد أكثر من1.800.000 لاجئ إلى بلادهم الأصلية، في كل من أفغانستان وكوريا وإثيوبيا وميانمار والصومال.
ويعتمد أسلوب المفوضية في العودة الطّوعية، على عدة عوامل أهمها: أحوال البلد الأصلي، فما لم تقنع المفوضية بأن الظروف الأمنية تسمح بعودة اللاجئين، فإنها لا تشجع على العودة، ولكن يجوز لها أن تسهل حركات العودة التلقائية، ويكون ذلك مثلاً بتقديم مِنَح للسفر، أو مِنَح عينية، كما حدث في حالة الأفغان العائدين من باكستان، وجمهورية إيران الإسلامية. أما إذا كانت ظروف البلد الأمنية تسمح بالعودة، فإن المفوضية تعمل بنشاط على تشجيع العودة وتنظيمها، كما حدث عند نقل 41000 لاجئ بطرق الجو إلى ناميبيا، أو عودة 387.000 لاجئ كمبودي من تايلاند في عام 1992، وفي أوائل 1993. كما بلغ عدد العراقيين الذين عادوا طوعاً بعد حرب الخليج 3010 وذلك حتى 31 مايو 1991 (أُنظر جدول العدد الإجمالي للاجئين العراقيين الذين غادروا المملكة العربية السعودية طواعية تحت إشراف المفوضية) (http://www.f-law.net/law/showpost.php?p=42735&postcount=10)
وفي حالات أخرى تشجع، المفوضية العودة للوطن، وتقديم المساعدات للعائدين، ولكنها لا تنظم النقل إلاّ لمن يعجزون عن وضع ترتيبات لأنفسهم؛ كما حدث عند عودة 1.700.000 لاجئ موزمبيقي في منتصف 1993 (اُنظر جدول أكبر عمليات المفوضية عام 1993). (http://www.f-law.net/law/showpost.php?p=42740&postcount=11)
وعندما تنظم المفوضية العودة الطوعية، أو تسهلها؛ فإنها تحاول ـ بقدر الإمكان ـ وضع إطار قانوني لحماية حقوق العائدين ومصالحهم. ومن الخطوات اللازمة لذلك:
(أ) التفاوض على أحكام العفو.
(ب) وضمانات عدم توجيه تهم ضد العائدين. وتكون هذه الترتيبات في شكل اتفاقيات مكتوبة بمناسبة العودة.
وكثيراً ما تبرم اتفاقيات ثلاثية بين البلد الأصل، وبلد اللجوء، والمفوضية تنص على شروط العودة، وتقرر ضمانات للعائدين.
والرجوع الطوعي بعد البقاء لزمن طويل في حالة اللجوء، يتطلب ـ غالباً ـ منح اللاجئ الوسائل المادية الكفيلة بمساعدته على بناء حياة جديدة في بلده، وهذا يتطلب موارد مالية ضخمة، خاصة إذا كان عدد العائدين كبيراً جداً، ولم تعد دولة الأصل قادرة على إيوائهم في ظروف ملائمة، بعد انهيار إمكاناتها لسبب من الأسباب من بينها الحروب الأهلية.
ولتشجيع العودة الطوعية وضمان نجاح عملية إعادة الاندماج، توسعت أنشطة المفوضية في دولة الأصل وامتدت لتشمل تقديم المساعدة، دون التفريق بين اللاجئين والعائدين والسكان المحليين المتضريين، وسدّ حاجات المجتمع المحلي؛ بهدف تثبيت السكان ومنع وقوع عمليات نزوح جديدة.
كما تقوم المفوضية، بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، بمساعدة العائدين ومجتمعاتهم على استعادة الاكتفاء الذاتي بأتباع أسلوب عرف باسم "المشروعات سريعة الأثر". ومن هذه المشروعات إصلاح المرافق الأساسية، أو إعادة بنائها؛ مثل المدارس والمراكز الصحية، والطرق، والجسور، أو تشجيع القطاع الزراعي بتقديم البذور والحيوانات والآلات، وتسهيل النقل، أو تشجيع التجارة الصغيرة في المناطق الريفية والحضرية.
(2) الاستقرار محلياً
إذا تعذرت العودة الطوعية للاجئين، يكون العمل على توفير أسباب الاستقرار في البلد المضيف، ولا يتم ذلك إلاّ بموافقة حكومة بلد اللجوء. فتسعى المفوضية لإقناع الحكومات بإدماج اللاجئين في دولهم الجديدة وتشجيع ذلك، باقتراح برامج إنمائية تسهر على وضعها وتمويلها المفوضية، حتى يتسنى للاجئين تحقيق الاكتفاء الذاتي، والمساهمة في إنعاش اقتصاد بلدهم الجديد. ومع تزايد أعداد اللاجئين، أصبحت فرص الاستقرار المحلي محدودة جداً.
(3) الاستقرار في بلد ثالث
وإذا تعذّر استقرار اللاجئين في بلد اللجوء، تتجه المفوضية السامية نحو دول أخرى غير دولة الأصل أو دول اللجوء، لإقناعها بقبول اللاجئين في إطار ما يسمي عمليات "إعادة الاستيطان"، وهي ترمي إلى إعطاء اللاجئين الفرصة للاستقرار والعيش في بلد جديد. وهناك دولٌ لا تمنح اللجوء إلاّ بصفة مؤقتة، وتشترط إعادة توطين اللاجئين بعد ذلك. وحتى في الدّول التي تفرض مثل هذا الشرط، ربما تفرض الظروف المحلية الاقتصادية والسياسية أو الأمنية نقل اللاجئين إلى مكان آخر، ولا يتخذ قرار إعادة توطين اللاجئ إلاّ عندما يتعذر وجود خيار آخر يضمن السلامة القانونية والبدنية للاجئ. ففي عام 1993 أعادت المفوضية توطين 75 ألف لاجئ، كانت أكبر مجموعة منهم من الشرق الأوسط. كما أن عدد الذين غادروا المملكة العربية السعودية، في إطار عمليات إعادة الاستقرار، من اللاجئين العراقيين، بلغ 21.412 حتى 31 مايو 1997. (اُنظر جدول بلدان منشأ جماعات اللاجئين (أكبر عشر مجموعات) التقديرات حتى يوليه 1996) (http://www.f-law.net/law/showpost.php?p=42742&postcount=12)
وفي أغلب الأحوال لا تستدعي حالة اللاجئ توفير الحماية وإيجاد الحلول الدائمة فحسب، ولكن قبل كل شيء قد يستدعى الأمر المساعدتين المادية المستعجلة والوقائية، من طوارئ اللجوء.
(أ) المساعدات المالية
غالباً ما يضطر اللاجئ ـ عند مغادرة بلده ـ إلى التخلي عن كل ممتلكاته، حتى يتمكن من الفرار، والولوج إلى البلد الذي يمكن أن يستنجد بحمايته.
ومن الملاحظ أن اتفاقية جنيف لم تشر إلى مسألة تقديم المساعدة للاجئين؛ وكذلك النظام الأساسي للمفوضية، الذي اكتفي بالإشارة إلى أن على المفوضية "التنسيق بين جهود الهيئات الخاصة التي تعنى بتقديم المساعدة للاجئين". ولكن عندما بدأت المفوضية في مزاولة نشاطاتها، سرعان ما تبين لها أن من الشروط الأساسية للحماية، توفير المساعدات المالية الضرورية للاجئ، خاصة بعد تكاثر نزوح اللاجئين من دول العالم الثالث وإليها.
ومع مرور الزمن أصبح تقديم المساعدة المادية للاجئين، من بين الاختصاصات الحيوية للمفوضية. ووضعت لهذه المساعدات سياسة واضحة المعالم، ترتكز على عناصر ومبادئ أساسية، من بينها:
· تتم تغطية النفقات، التي تستلزمها عمليات مساعدة اللاجئين، في إطار برامج يساهم في تمويلها طوعاً كل من يرغب في ذلك من دول ومؤسسات دولية، وهيئات غير حكومية، وحتى أشخاص عاديين. وتنقسم هذه البرامج إلى برامج عامة، وأخرى خاصة.
· أما البرامج العامة، فهي التي تحظى بالقسط الأوفر في ميزانية المفوضية السنوية، فهي تخص مشاريع المساعدة الأساسية، انطلاقاً من النفقات، التي تتطلبها حالة الطوارئ، حتى مرحلة البحث عن حلول دائمة.
الأربعاء مايو 25, 2011 4:03 pm من طرف samii
» يصدرمرسومين لتنظيم الملكيات الزراعية ومخالفات
الأربعاء مايو 25, 2011 3:47 pm من طرف samii
» أهمية علم النفس والطب النفسي في القضاء
الجمعة يناير 14, 2011 8:07 am من طرف الشيماء
» طلب مساعدة
الخميس ديسمبر 23, 2010 6:05 pm من طرف د.أيمن
» هل يجوز اجراء الكشف والتحقيق المحلي من قبل القاضي العقاري في
الخميس يناير 14, 2010 11:41 pm من طرف sharinolo
» تجربة
السبت سبتمبر 19, 2009 8:00 pm من طرف السراب
» روابط الكتب في المكتبة القانونية
الثلاثاء يونيو 02, 2009 5:15 pm من طرف السراب
» دراسة في التاجر من الناحية القانونية
الإثنين مارس 23, 2009 5:50 am من طرف سيف العرب
» دراسة في الاثبات الجنائي
الإثنين مارس 23, 2009 5:41 am من طرف سيف العرب
» دراسة عن التحكيم في اطار المنظمة العالمية للملكية الفكرية
الإثنين مارس 23, 2009 5:28 am من طرف سيف العرب
» دراسة عن التعاقد بطريقة المراسلة
الإثنين مارس 23, 2009 5:14 am من طرف سيف العرب
» دراسة في الانواع الشائعة لعقود المعلوماتية
الإثنين مارس 23, 2009 5:09 am من طرف سيف العرب
» دراسة في التحكيم واهميته
الإثنين مارس 23, 2009 4:57 am من طرف سيف العرب
» الالتزامات المترتبة على البائع عند قيام عقد البيع
الإثنين مارس 23, 2009 4:50 am من طرف سيف العرب
» أسباب العنف والجرائم في تقرير الأمم المتحدة
الإثنين أبريل 28, 2008 3:19 am من طرف سيف العرب
» ظاهرة الادمان على المخدرات- علم اجرام - سورية
السبت أبريل 19, 2008 10:52 pm من طرف ابن سوريا
» الرئيس الأسد يصدر مرسوماً بتعديل قانون السير والمركبات2008
الخميس أبريل 17, 2008 11:23 pm من طرف سيف العرب
» قانون الشركات 2008
الخميس أبريل 17, 2008 10:52 pm من طرف سيف العرب
» قانون المنافسة ومنع الاحتكار
الخميس أبريل 17, 2008 10:31 pm من طرف سيف العرب
» القانون رقم 4 للعام 2008 الخاص بالتحكيم
الخميس أبريل 17, 2008 10:23 pm من طرف سيف العرب