استراتيجية الإصلاح الضريبي والجمركي في سورية
الدكتـور محمد بيطـار(*)
أولاً – الإصلاح الضريبي:
اقترنت الضريبة بوجود السلطة في المجتمع السياسي وتطور مفهومها بتطور وظائف هذه السلطة وأهدافها والمفهوم المعاصر للضريبة يقوم على اعتبارها إحدى المصادر الرئيسية للتمويل ووسيلة فعالة تمكن الدولة من التدخل في الحياة الاقتصادية والاجتماعية وتوجيه النشاط الاقتصادي، لذلك فان البحث في النظام الضريبي واصلاحه يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالإصلاح الاقتصادي الذي يقع عبء القيام به على مؤسسات الدولة جميعها.
انطلاقاً من هذا المفهوم، ومن واقع أن الاقتصاد السوري يتجه نحو الانخراط في خضم الاقتصاد العالمي ومن مؤشرات هذا الاتجاه تعزيز الانفتاح على الاستثمار الخارجي المباشر، تحسين البيئة الجاذبة للاستثمار، زيادة دور القطاع الخاص في الاقتصاد، التحرير المتدرج للتجارة الخارجية، التوجه نحو تشجيع التصدير، اتخاذ إجراءات باتجاه التحرير في السياسة السعرية، توحيد أسعار الصرف تدريجياً...
ومقابل سياسة الانفتاح هذه تبرز أهمية تطوير النظام الضريبي النافذ في سورية بحيث يتفق مع المستجدات ومع متطلبات التطور الاقتصادي والاجتماعي في سورية فالنظام الضريبي النافذ في سورية يتألف من مجموعة من الضرائب النوعية (مباشرة وغير مباشرة) تتناول مطارح متعددة صدرت في فترات متباعدة ويعود بعضها إلى اكثر من /50/ سنة ولم يلحق بالعديد منها أية تعديلات جذرية إنما اقتصرت عملية التطوير من خلال الصكوك التشريعية التي صدرت في السنوات الأخيرة على تعديلات جزئية لبعض الضرائب النوعية النافذة والتي كان أبرزها:
ـ القانون رقم /20/ لعام 1991 المتضمن تعديل الضريبة على الدخل ( تخفيض معدلات الضريبة على الدخل وتوسيع الشرائح.)
ـ المرسوم التشريعي رقم /4/ لعام 1998 المتضمن تعديل قانون ضريبة التركات ومنح إعفاءات ذات بعد اقتصادي واجتماعي وثقافي.
ـ القانون رقم /7/ لعام 1999 المتضمن إلغاء رسم التصدير على القطن وإعفاء القطن وبذوره وفضلاته من ضريبة الإنتاج الزراعي وكذلك الغزول القطنية والمنسوجات بأنواعها من القطن لتشجيع التصدير.
ـ المرسوم التشريعي رقم /7/ لعام 2000 المتضمن تعديل قانون الاستثمار بما يخدم توسيع قاعدة التنمية والاستثمار وتخفيف العبء الضريبي على الشركات المساهمة لاسيما الشركات التي تطرح أسهمها على الاكتتاب العام وتحديد معدل الضريبة على الدخل بمعدل مقطوع قدره /25%/ بما في ذلك المجهود الحربي والاستثناء من الإضافة لصالح الإدارة المحلية.
الشوائب التي تعتري النظام الضريبي النافذ:
1 ـ تدني الحاصلات الضريبية: حيث بلغت نسبة وسطي العبء الضريبي إلى الناتج المحلي الإجمالي خلال السنوات العشرة الأخيرة /14%/.
أما نسبة الضرائب والرسوم المباشرة إلى إجمالي الإيرادات الضريبية الفعلية فقد بلغت عام 1999 /61.36%/.
وتشكل الضرائب على دخل الأرباح العمود الفقري للضرائب والرسوم المباشرة وقد بلغت نسبة مساهمة القطاع العام في هذه الضريبة من واقع نتائج قطع الحساب لعام 1999 /83.71%/ في حين بلغت نسبة مساهمة القطاع الخاص في حصيلة هذه الضريبة /16.29%/.
أما نسبة مساهمة كل من القطاعين الخاص والعام من ضرائب الدخل على الأرباح منسوبة إلى الناتج المحلي الإجمالي فقد بلغت /7.49%/ للقطاع العام و/1.46%/ للقطاع الخاص.
وتعتبر نسبة مساهمة القطاع الخاص في تحصيلات ضريبة الدخل متواضعة جداً منسوبة إلى حصة القطاع الخاص من الناتج المحلي الإجمالي حيث ساهم القطاع الخاص بحوالي /61%/ من الناتج المحلي الإجمالي عام 1999.
كما يجب الأخذ بعين الاعتبار أن إيرادات الرسـوم الجمركية والتي تشـكل حوالـي /18ـ20%/ من الإيرادات الضريبية الفعلية لعـام 1999 سـتخفض تدريجياً بفعل
تطبيق الاتفاقيات الإقليمية والدولية والمتعلقة بإقامة منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى واتفاقات مناطق التجارة الحرة بين سورية وبعض الدول العربية ( سورية – العراق... ) والشراكة السورية – الأوروبية.
2 ـ الضعف البنيوي للنظام الضريبي:
إن الأداء غير الكافي للنظام الضريبي، وخاصة فيما يتعلق منه بضرائب الدخل، يعود لضعف في بنية النظام وآليات تطبيقية مما ينعكس على مردوده وعلى عدم توفر أسس العدالة الضريبية فيه. وان المآخذ الأساسية على هذا النظام تعود إلى سببين:
أ ـ السبب الأول تشريعي ويعود إلى عدم ملاءمة القانون الحالي لمقاييس العدالة التي يرسمها العلم الضريبي الحديث. ويتمثل ذلك باعتماد القانون المذكور للضرائب النوعية دون أية ضريبة عامة تصاعدية على مجموع الدخل، وابقائه مداخيل عديدة خارج نطاق الضريبة، ( واعتماده تكليف الدخل الفردي بدلاً من دخل الأسرة ) وتعدد المسارب القانونية للتهرب الضريبي يضاف إلى ذلك بالنسبة للضرائب غير المباشرة، اقتصار فرضها على عدد محدود من السلع استنادا إلى تشريعات متعددة وفقاً لمبالغ مقطوعة أصبحت رمزية في الوقت الحاضر مع ارتفاع الأسعار وظاهرة التضخم النقدي، بحيث أصبحت ضرائب غير اقتصادية من جهة الحصيلة الضريبية وتحتاج إلى نفقات كبيرة في أعمال التحقق والجباية.
ب ـ السبب الثاني تنفيذي ويعود إلى ضعف تطبيق التشريع الضريبي، وتقع المسؤولية في ذلك على عدم توفر الوعي الاجتماعي لدى للمكلفين بالضريبة وعدم فعالية الإدارة الضريبية في فرض الانضباط الضريبي لاسباب تعود إلى القانون الضريبي، وضعف الصلاحيات المعطاة لجهاز الضرائب لضبط التهرب ومكافحته، وعدم توفر جهاز للاستعلام الضريبي يزود إدارة الضرائب بالمعلومات اللازمة عن أعمال ونشاطات المكلفين بالضريبة، إضافة إلى ضرورة استكمال شبكة نظم البرمجيات والأتمتة بما يغطي جميع مديريات الماليات في المحافظات وماليات المناطق، والتوسع الأفقي في استخدامات الحواسب في مراحل التدقيق الضريبي.
الاستراتيجية المقترحة لتطوير النظام الضريبي:
من المتفق عليه، ضرورة إصلاح النظام الضريبي النافذ ليس فقط لتأمين الموارد المالية الكافية للدولة وانما لتفعيل عملية التنمية وتعزيز القدرة التنافسية للاقتصاد السوري في ظل التحديات التي تفرضها منطقة التجارة الحرة العربية وموجبات الشراكة الأوربية وفتح الأسواق....
وقد أعدت وزارة المالية خططاً مبرمجة على مراحل لتطوير التشريعات الضريبية تعتمد أساساً على إصلاح الضرائب النوعية كخطوة أولى ومن ثم تطبيق الضريبة على إجمالي الدخل بعد استكمال تعديل الضرائب النوعية واستكمال الإجراءات القانونية اللازمة لهذه الغاية والعمل بالتوازي انسجاماً مع الفكر الضريبي الحديث بتخفيض العبء الضريبي عن مصادر توليد الدخل بهدف تشجيع الإنتاج والاستثمار وتعويض ذلك عن طريق الضرائب على أوجه استخدامات الدخل. وقد تضمنت هذه الخطط والدراسات تصورات جديدة للنظام الضريبي في إطار المستجدات الاقتصادية الحاصلة وتطلعات المستقبل، بحيث يمكن للضريبة أن تلعب دورها كأداة لخدمة أهداف السياسة الاقتصادية إضافة إلى وظيفتها المالية. وبات التوصل إلى نظام ضريبي متوازن يتميز بالوضوح والشفافية والعدالة أمراً ملحاً ومطلباً للجميع.
وفي هذا الإطار فإن المعايير والتوجهات التي اتخذتها وزارة المالية عند إعداد استراتيجية الإصلاح الضريبي في سورية ومشاريع الصكوك اللازمة لهذه الغاية تركزت على المبادئ التالية:
1 ـ إعادة النظر ببنية النظام الضريبي النافذ والاتجاه بتخفيض المعدلات وتوسيع الشرائح وتوسيع قاعدة التكليف الضريبي بما يحقق العدالة الضريبية بما في ذلك إعادة النظر بالحد الأدنى المعفى من الضريبة.
2 ـ توجيه الضريبة بحيث تكون أداة لخدمة التنمية الاقتصادية والاجتماعية وأن يكون النظام الضريبي متناغماً مع أهداف السياسة والمستجدات الاقتصادية.
3 ـ الأخذ بمبدأ التشخيص الضريبي لتحقيق العدالة في التكليف ومراعاة المقدرة التكليفية للمكلفين تحقيقاً للعدالة الضريبية وذلك عن طريق الانتقال من نظام الضرائب النوعية إلى نظام الضريبة على إجمالي الدخل، وتحديد حد أدنى معفى من الضريبة تبعاً لذلك.
4 ـ تخفيض العبء الضريبي على الدخل والإنتاج لتشجيع الاستثمار والإنتاج والادخار، وتخفيض أعباء الرسوم الجمركية على المواد الأولية اللازمة للصناعة لتخفيض تكاليف الإنتاج ورفع قدرتها التنافسية على التصدير، وتعويض ذلك من خلال الاتجاه إلى الضرائب على أوجه استخدامات الدخل (الضرائب على الإنفاق) وفق اتجاهات الفكر الضريبي الحديث.
5 ـ إعفاء الصادرات السورية من الضرائب والرسوم وإيجاد البدائل اللازمة المناسبة لتعويض ذلك وضمن أهداف التنمية.
6 ـ توفير المؤيدات القانونية والوسائل والأدوات اللازمة لمكافحة التهرب الضريبي وبما يساعد الإدارة الضريبية لتحقيق العدالة في التكليف.
7 ـ إعادة تنظيم وتقنين أحكام التقادم المالي على التكاليف الضريبية.
وفي إطار الإجراءات يتم التركيز على تحسين آلية النظام الضريبي من خلال الإجراءات التالية:
1 ـ إعادة هندسة النظام الضريبي بحيث يصبح قابلاً للإدارة بواسطة المكننة بما في ذلك إعداد ما يلزم لاعتماد الرقم الضريبي الموحد للمكلف بما يحقق مصلحة المكلف والدوائر المالية على حد سواء.
2 ـ اعتماد التأهيل والتدريب كسياسة دائمة لرفع كفاءة الجهاز الضريبي وكذلك تعزيز سياسة الثواب والعقاب.
3 ـالتوسع في استعمال المكننة في جهاز الضرائب.
4 ـ تقنين القواعد المحاسبية التي تؤدي إلى تحديد الربح الضريبي من أجل تأمين الشفافية وسلامة الإفصاح الضريبي والاستقرار في التطبيق، بما في ذلك توحيد نماذج التصريح الضريبي.
أخيراً، وحول ظاهرة التهرب الضريبي مما لاشك فيه أن هذه الظاهرة من الظواهر الشائعة في معظم دول العالم لاسيما النامية منها وقد عمدت وزارة المالية إلى معالجة هذه الظاهرة بجميع الوسائل الممكنة الإجرائية والتشريعية.
ففي المجال الإجرائي، تم اتخاذ ما يلي:
ـ إحداث مديرية الاستعلام الضريبي في وزارة المالية وأقسام للاستعلام الضريبي في جميع مديريات ماليات المحافظات لتحديث العمل الضريبي وتأمين الوسائل اللازمة للتكليف الضريبي وذلك رغم عدم كفاية وقصور النصوص القانونية النافذة لهذه الغاية، كما تم إدخال بيانات نظام الاستعلام الضريبي على الحاسب الإلكتروني في وزارة المالية من خلال نظام المعلوماتية المتطور في الوزارة، وقد أمكن نتيجة ذلك اكتشاف العديد من المطارح الضريبية المخفاة لدى العديد من مكلفي القطاع الخاص وتكليفها بالضرائب المتوجبة قانوناً... تحقيقاً للعدالة الضريبية.
الدكتـور محمد بيطـار(*)
أولاً – الإصلاح الضريبي:
اقترنت الضريبة بوجود السلطة في المجتمع السياسي وتطور مفهومها بتطور وظائف هذه السلطة وأهدافها والمفهوم المعاصر للضريبة يقوم على اعتبارها إحدى المصادر الرئيسية للتمويل ووسيلة فعالة تمكن الدولة من التدخل في الحياة الاقتصادية والاجتماعية وتوجيه النشاط الاقتصادي، لذلك فان البحث في النظام الضريبي واصلاحه يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالإصلاح الاقتصادي الذي يقع عبء القيام به على مؤسسات الدولة جميعها.
انطلاقاً من هذا المفهوم، ومن واقع أن الاقتصاد السوري يتجه نحو الانخراط في خضم الاقتصاد العالمي ومن مؤشرات هذا الاتجاه تعزيز الانفتاح على الاستثمار الخارجي المباشر، تحسين البيئة الجاذبة للاستثمار، زيادة دور القطاع الخاص في الاقتصاد، التحرير المتدرج للتجارة الخارجية، التوجه نحو تشجيع التصدير، اتخاذ إجراءات باتجاه التحرير في السياسة السعرية، توحيد أسعار الصرف تدريجياً...
ومقابل سياسة الانفتاح هذه تبرز أهمية تطوير النظام الضريبي النافذ في سورية بحيث يتفق مع المستجدات ومع متطلبات التطور الاقتصادي والاجتماعي في سورية فالنظام الضريبي النافذ في سورية يتألف من مجموعة من الضرائب النوعية (مباشرة وغير مباشرة) تتناول مطارح متعددة صدرت في فترات متباعدة ويعود بعضها إلى اكثر من /50/ سنة ولم يلحق بالعديد منها أية تعديلات جذرية إنما اقتصرت عملية التطوير من خلال الصكوك التشريعية التي صدرت في السنوات الأخيرة على تعديلات جزئية لبعض الضرائب النوعية النافذة والتي كان أبرزها:
ـ القانون رقم /20/ لعام 1991 المتضمن تعديل الضريبة على الدخل ( تخفيض معدلات الضريبة على الدخل وتوسيع الشرائح.)
ـ المرسوم التشريعي رقم /4/ لعام 1998 المتضمن تعديل قانون ضريبة التركات ومنح إعفاءات ذات بعد اقتصادي واجتماعي وثقافي.
ـ القانون رقم /7/ لعام 1999 المتضمن إلغاء رسم التصدير على القطن وإعفاء القطن وبذوره وفضلاته من ضريبة الإنتاج الزراعي وكذلك الغزول القطنية والمنسوجات بأنواعها من القطن لتشجيع التصدير.
ـ المرسوم التشريعي رقم /7/ لعام 2000 المتضمن تعديل قانون الاستثمار بما يخدم توسيع قاعدة التنمية والاستثمار وتخفيف العبء الضريبي على الشركات المساهمة لاسيما الشركات التي تطرح أسهمها على الاكتتاب العام وتحديد معدل الضريبة على الدخل بمعدل مقطوع قدره /25%/ بما في ذلك المجهود الحربي والاستثناء من الإضافة لصالح الإدارة المحلية.
الشوائب التي تعتري النظام الضريبي النافذ:
1 ـ تدني الحاصلات الضريبية: حيث بلغت نسبة وسطي العبء الضريبي إلى الناتج المحلي الإجمالي خلال السنوات العشرة الأخيرة /14%/.
أما نسبة الضرائب والرسوم المباشرة إلى إجمالي الإيرادات الضريبية الفعلية فقد بلغت عام 1999 /61.36%/.
وتشكل الضرائب على دخل الأرباح العمود الفقري للضرائب والرسوم المباشرة وقد بلغت نسبة مساهمة القطاع العام في هذه الضريبة من واقع نتائج قطع الحساب لعام 1999 /83.71%/ في حين بلغت نسبة مساهمة القطاع الخاص في حصيلة هذه الضريبة /16.29%/.
أما نسبة مساهمة كل من القطاعين الخاص والعام من ضرائب الدخل على الأرباح منسوبة إلى الناتج المحلي الإجمالي فقد بلغت /7.49%/ للقطاع العام و/1.46%/ للقطاع الخاص.
وتعتبر نسبة مساهمة القطاع الخاص في تحصيلات ضريبة الدخل متواضعة جداً منسوبة إلى حصة القطاع الخاص من الناتج المحلي الإجمالي حيث ساهم القطاع الخاص بحوالي /61%/ من الناتج المحلي الإجمالي عام 1999.
كما يجب الأخذ بعين الاعتبار أن إيرادات الرسـوم الجمركية والتي تشـكل حوالـي /18ـ20%/ من الإيرادات الضريبية الفعلية لعـام 1999 سـتخفض تدريجياً بفعل
تطبيق الاتفاقيات الإقليمية والدولية والمتعلقة بإقامة منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى واتفاقات مناطق التجارة الحرة بين سورية وبعض الدول العربية ( سورية – العراق... ) والشراكة السورية – الأوروبية.
2 ـ الضعف البنيوي للنظام الضريبي:
إن الأداء غير الكافي للنظام الضريبي، وخاصة فيما يتعلق منه بضرائب الدخل، يعود لضعف في بنية النظام وآليات تطبيقية مما ينعكس على مردوده وعلى عدم توفر أسس العدالة الضريبية فيه. وان المآخذ الأساسية على هذا النظام تعود إلى سببين:
أ ـ السبب الأول تشريعي ويعود إلى عدم ملاءمة القانون الحالي لمقاييس العدالة التي يرسمها العلم الضريبي الحديث. ويتمثل ذلك باعتماد القانون المذكور للضرائب النوعية دون أية ضريبة عامة تصاعدية على مجموع الدخل، وابقائه مداخيل عديدة خارج نطاق الضريبة، ( واعتماده تكليف الدخل الفردي بدلاً من دخل الأسرة ) وتعدد المسارب القانونية للتهرب الضريبي يضاف إلى ذلك بالنسبة للضرائب غير المباشرة، اقتصار فرضها على عدد محدود من السلع استنادا إلى تشريعات متعددة وفقاً لمبالغ مقطوعة أصبحت رمزية في الوقت الحاضر مع ارتفاع الأسعار وظاهرة التضخم النقدي، بحيث أصبحت ضرائب غير اقتصادية من جهة الحصيلة الضريبية وتحتاج إلى نفقات كبيرة في أعمال التحقق والجباية.
ب ـ السبب الثاني تنفيذي ويعود إلى ضعف تطبيق التشريع الضريبي، وتقع المسؤولية في ذلك على عدم توفر الوعي الاجتماعي لدى للمكلفين بالضريبة وعدم فعالية الإدارة الضريبية في فرض الانضباط الضريبي لاسباب تعود إلى القانون الضريبي، وضعف الصلاحيات المعطاة لجهاز الضرائب لضبط التهرب ومكافحته، وعدم توفر جهاز للاستعلام الضريبي يزود إدارة الضرائب بالمعلومات اللازمة عن أعمال ونشاطات المكلفين بالضريبة، إضافة إلى ضرورة استكمال شبكة نظم البرمجيات والأتمتة بما يغطي جميع مديريات الماليات في المحافظات وماليات المناطق، والتوسع الأفقي في استخدامات الحواسب في مراحل التدقيق الضريبي.
الاستراتيجية المقترحة لتطوير النظام الضريبي:
من المتفق عليه، ضرورة إصلاح النظام الضريبي النافذ ليس فقط لتأمين الموارد المالية الكافية للدولة وانما لتفعيل عملية التنمية وتعزيز القدرة التنافسية للاقتصاد السوري في ظل التحديات التي تفرضها منطقة التجارة الحرة العربية وموجبات الشراكة الأوربية وفتح الأسواق....
وقد أعدت وزارة المالية خططاً مبرمجة على مراحل لتطوير التشريعات الضريبية تعتمد أساساً على إصلاح الضرائب النوعية كخطوة أولى ومن ثم تطبيق الضريبة على إجمالي الدخل بعد استكمال تعديل الضرائب النوعية واستكمال الإجراءات القانونية اللازمة لهذه الغاية والعمل بالتوازي انسجاماً مع الفكر الضريبي الحديث بتخفيض العبء الضريبي عن مصادر توليد الدخل بهدف تشجيع الإنتاج والاستثمار وتعويض ذلك عن طريق الضرائب على أوجه استخدامات الدخل. وقد تضمنت هذه الخطط والدراسات تصورات جديدة للنظام الضريبي في إطار المستجدات الاقتصادية الحاصلة وتطلعات المستقبل، بحيث يمكن للضريبة أن تلعب دورها كأداة لخدمة أهداف السياسة الاقتصادية إضافة إلى وظيفتها المالية. وبات التوصل إلى نظام ضريبي متوازن يتميز بالوضوح والشفافية والعدالة أمراً ملحاً ومطلباً للجميع.
وفي هذا الإطار فإن المعايير والتوجهات التي اتخذتها وزارة المالية عند إعداد استراتيجية الإصلاح الضريبي في سورية ومشاريع الصكوك اللازمة لهذه الغاية تركزت على المبادئ التالية:
1 ـ إعادة النظر ببنية النظام الضريبي النافذ والاتجاه بتخفيض المعدلات وتوسيع الشرائح وتوسيع قاعدة التكليف الضريبي بما يحقق العدالة الضريبية بما في ذلك إعادة النظر بالحد الأدنى المعفى من الضريبة.
2 ـ توجيه الضريبة بحيث تكون أداة لخدمة التنمية الاقتصادية والاجتماعية وأن يكون النظام الضريبي متناغماً مع أهداف السياسة والمستجدات الاقتصادية.
3 ـ الأخذ بمبدأ التشخيص الضريبي لتحقيق العدالة في التكليف ومراعاة المقدرة التكليفية للمكلفين تحقيقاً للعدالة الضريبية وذلك عن طريق الانتقال من نظام الضرائب النوعية إلى نظام الضريبة على إجمالي الدخل، وتحديد حد أدنى معفى من الضريبة تبعاً لذلك.
4 ـ تخفيض العبء الضريبي على الدخل والإنتاج لتشجيع الاستثمار والإنتاج والادخار، وتخفيض أعباء الرسوم الجمركية على المواد الأولية اللازمة للصناعة لتخفيض تكاليف الإنتاج ورفع قدرتها التنافسية على التصدير، وتعويض ذلك من خلال الاتجاه إلى الضرائب على أوجه استخدامات الدخل (الضرائب على الإنفاق) وفق اتجاهات الفكر الضريبي الحديث.
5 ـ إعفاء الصادرات السورية من الضرائب والرسوم وإيجاد البدائل اللازمة المناسبة لتعويض ذلك وضمن أهداف التنمية.
6 ـ توفير المؤيدات القانونية والوسائل والأدوات اللازمة لمكافحة التهرب الضريبي وبما يساعد الإدارة الضريبية لتحقيق العدالة في التكليف.
7 ـ إعادة تنظيم وتقنين أحكام التقادم المالي على التكاليف الضريبية.
وفي إطار الإجراءات يتم التركيز على تحسين آلية النظام الضريبي من خلال الإجراءات التالية:
1 ـ إعادة هندسة النظام الضريبي بحيث يصبح قابلاً للإدارة بواسطة المكننة بما في ذلك إعداد ما يلزم لاعتماد الرقم الضريبي الموحد للمكلف بما يحقق مصلحة المكلف والدوائر المالية على حد سواء.
2 ـ اعتماد التأهيل والتدريب كسياسة دائمة لرفع كفاءة الجهاز الضريبي وكذلك تعزيز سياسة الثواب والعقاب.
3 ـالتوسع في استعمال المكننة في جهاز الضرائب.
4 ـ تقنين القواعد المحاسبية التي تؤدي إلى تحديد الربح الضريبي من أجل تأمين الشفافية وسلامة الإفصاح الضريبي والاستقرار في التطبيق، بما في ذلك توحيد نماذج التصريح الضريبي.
أخيراً، وحول ظاهرة التهرب الضريبي مما لاشك فيه أن هذه الظاهرة من الظواهر الشائعة في معظم دول العالم لاسيما النامية منها وقد عمدت وزارة المالية إلى معالجة هذه الظاهرة بجميع الوسائل الممكنة الإجرائية والتشريعية.
ففي المجال الإجرائي، تم اتخاذ ما يلي:
ـ إحداث مديرية الاستعلام الضريبي في وزارة المالية وأقسام للاستعلام الضريبي في جميع مديريات ماليات المحافظات لتحديث العمل الضريبي وتأمين الوسائل اللازمة للتكليف الضريبي وذلك رغم عدم كفاية وقصور النصوص القانونية النافذة لهذه الغاية، كما تم إدخال بيانات نظام الاستعلام الضريبي على الحاسب الإلكتروني في وزارة المالية من خلال نظام المعلوماتية المتطور في الوزارة، وقد أمكن نتيجة ذلك اكتشاف العديد من المطارح الضريبية المخفاة لدى العديد من مكلفي القطاع الخاص وتكليفها بالضرائب المتوجبة قانوناً... تحقيقاً للعدالة الضريبية.
الأربعاء مايو 25, 2011 4:03 pm من طرف samii
» يصدرمرسومين لتنظيم الملكيات الزراعية ومخالفات
الأربعاء مايو 25, 2011 3:47 pm من طرف samii
» أهمية علم النفس والطب النفسي في القضاء
الجمعة يناير 14, 2011 8:07 am من طرف الشيماء
» طلب مساعدة
الخميس ديسمبر 23, 2010 6:05 pm من طرف د.أيمن
» هل يجوز اجراء الكشف والتحقيق المحلي من قبل القاضي العقاري في
الخميس يناير 14, 2010 11:41 pm من طرف sharinolo
» تجربة
السبت سبتمبر 19, 2009 8:00 pm من طرف السراب
» روابط الكتب في المكتبة القانونية
الثلاثاء يونيو 02, 2009 5:15 pm من طرف السراب
» دراسة في التاجر من الناحية القانونية
الإثنين مارس 23, 2009 5:50 am من طرف سيف العرب
» دراسة في الاثبات الجنائي
الإثنين مارس 23, 2009 5:41 am من طرف سيف العرب
» دراسة عن التحكيم في اطار المنظمة العالمية للملكية الفكرية
الإثنين مارس 23, 2009 5:28 am من طرف سيف العرب
» دراسة عن التعاقد بطريقة المراسلة
الإثنين مارس 23, 2009 5:14 am من طرف سيف العرب
» دراسة في الانواع الشائعة لعقود المعلوماتية
الإثنين مارس 23, 2009 5:09 am من طرف سيف العرب
» دراسة في التحكيم واهميته
الإثنين مارس 23, 2009 4:57 am من طرف سيف العرب
» الالتزامات المترتبة على البائع عند قيام عقد البيع
الإثنين مارس 23, 2009 4:50 am من طرف سيف العرب
» أسباب العنف والجرائم في تقرير الأمم المتحدة
الإثنين أبريل 28, 2008 3:19 am من طرف سيف العرب
» ظاهرة الادمان على المخدرات- علم اجرام - سورية
السبت أبريل 19, 2008 10:52 pm من طرف ابن سوريا
» الرئيس الأسد يصدر مرسوماً بتعديل قانون السير والمركبات2008
الخميس أبريل 17, 2008 11:23 pm من طرف سيف العرب
» قانون الشركات 2008
الخميس أبريل 17, 2008 10:52 pm من طرف سيف العرب
» قانون المنافسة ومنع الاحتكار
الخميس أبريل 17, 2008 10:31 pm من طرف سيف العرب
» القانون رقم 4 للعام 2008 الخاص بالتحكيم
الخميس أبريل 17, 2008 10:23 pm من طرف سيف العرب